أثارت تحذيرات وروايات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بمطاردة الشرطة للمجاهرين بالإفطار وشن حملات على المقاهي في نهار رمضان جدلا في مصر بين مرحب بتلك الخطوة، وبين من يرى أنها اعتداء على الحرية الشخصية للأفراد.
وتساءل البعض، هل يوجد في القانون عقوبة لفعل الجهر بالإفطار في نهار رمضان؟ أم أن الشرطة ترتكب مخالفة للقانون إرضاء للرأي العام المرحب بهذه الحملات؟
استجابة للرأي العام
وكانت الحكومة المصرية قد أطلقت حملات أمنية سابقة في عام 2009 و2014 و2016 لمواجهة ظاهرة الجهر بالإفطار، أسفرت عن القبض على عشرات المواطنين وتم صرفهم من أقسام الشرطة بعد تحرير محاضر لهم.
وفي هذا السياق قال مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نورالدين، في تصريحات صحفية، إن تنفيذ تلك الحملات كان يتم تحت ضغط الرأي العام ووسائل الإعلام لمواجهة انتشار الشباب الذين يجاهرون بإفطارهم، مشيرا إلى أن جميع المقبوض عليهم كانوا يخرجون من النيابة بعد دفع غرامة 50 جنيها.
يشار إلى أن عددا كبيرا من الدول العربية، من بينها الكويت والمغرب وتونس والسعودية والإمارات والسودان، تطبق عقوبة على من يجاهر بالإفطار في رمضان تتنوع بين الغرامة والحبس.
غير قانوني
وقالت الناشطة رانيا حناوي عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك": "بمناسبة القبض على المفطرين في رمضان، مفيش في القانون ولا في الدستور شيء بيسمح بالكلام ده، واللي يتقبض عليه بتهمه زي دي يروح يشتكي الظابط اللي اتعرضله، واقسم بالله حصلت مع ناس اعرفها والظابط هو اللي بيجري ورا المشتكي ويبوس رجله كمان لإنه عارف إنه غلطان وهيتأذي، اعرفوا حقوقكم ومارسوها قبل ما تتهموا بعض بالباطل وخلاص". من جانبه، أكد المحامي الحقوقي حافظ أبو سعدة أن الحملات التي كان يتم تنفيذها في أوقات سابقة كانت تستند إلى قرار وزاري سابق باعتباره الإفطار العلني يهدد أمن الشارع والمواطنين ويسبب المشاجرات. وشدد على أن مثل هذه الأمور يجب أن توكل إلى الذوق العام والآداب العامة، ولا يمكن أن ينظمها القانون خاصة وأن البلاد يعيش فيها مواطنون غير مسلمين وأصحاب أعذار لا يمكن أن تفرض عليهم عدم تناول الشراب أو الطعام في نهار رمضان. إذا ابتليتم فاستتروا لكن الشيخ سيد الجرجاوي عضو لجنة الإفتاء بالأزهر الشريف رحب بهذه الدعوات وقال إنها من الأدوار المنوطة بولي الأمر المكلف بالعمل على إقامة شرع الله في الأرض. وشدد على أننا نعيش في مجتمع مسلم، ويجب أن تكون الصبغة الغالبة عليه هي احترام شعائر الله تطبيقا لقول الله تعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب". وأضاف الجرجاوي، أن غير الصائمين من المسلمين عليهم أن يفطروا في بيوتهم، فالقاعدة تقول "إذا ابتليتم فاستتروا"، و"كل أمتي معافى إلا المجاهرين"، مضيفا أنه لو كان الشخص غير مسلم أو صاحب عذر يجيز له الإفطار، أو حتى لا يريد أن يصوم فهو حر في ذلك وحسابه على الله، لكن يجب أن يفطر في بيت وليس أمام الناس الصائمين. وتابع: "غير المسلم من أتباع الديانات الأخرى يجب عليه احترام شعور المسلمين الصائمين فلا يتعمد الشرب والأكل أمامهم"، مشيرا إلى أن صاحب العذر الحقيقي تجده يتسم بالحياء والحفاظ على شعور الصائمين. وشدد على أنه من دور الشرطة أن تغلق المقاهي والمطاعم التي تقدم طعاما وشرابا للناس في نهار رمضان، لافتا إلى أنه لا يجوز شرعا تقديم الطعام والشراب للمسلمين في نهار رمضان وأن من يفعل ذلك يكون آثما شرعا. وأضاف أن الشرطة فقط هي المنوط بها تنفيذ هذا الأمر عبر التحقق من هوية المفطرين، فإذا كان غير مسلم فتكتفي بلفت نظره باحترام مشاعر إخوانه المسلمين، أما المظاهر الجديدة التي نشاهدها في الشوارع من شباب وفتيات يجاهرون بالفطر بغير عذر باعتبارها حرية شخصية فيجب أن تتصدى لهم الشرطة وتوقع عليهم عقوبة تعذيرية تردعهم عن الفطر علنا. فرض سلطة الدولة بدوره قال يس أبو الحسن أستاذ الاجتماع بجامعة القاهرة إنه يؤيد هذه الدعوات، مؤكدا أنها تأتي في إطار فرض سلطة الدولة على أفراد المجتمع وإشعار آحاد الناس أن هناك دولة لها هوية وخصوصية. وردا على من يقولون إن الإفطار العلني في رمضان هو "حرية شخصية" قال أبو الحسن،، إن إيذاء مشاعر الآخرين ليس من الحرية الشخصية، مشيرا إلى أن مثل تلك المزاعم هي التي أفسدت المجتمع وجعلت الفوضى تنتشر في البلاد. وقال إن كل بلاد العالم تفرض نظاما عاما يلتزم به جميع المقيمين على أرضها، وهذا ما تفعله أوروبا التي يوجد بها تهمة تسمى "عدم الاندماج في المجتمع" ومن يثبت عليه هذه التهمة من المهاجرين يمكن أن يرحل من البلاد فورا. وشدد على أن كل مجتمع له خصوصية في الزي والعادات والتقاليد يجب احترامها وعدم التصادم معها حفاظا على السلام الاجتماعي والاستقرار، مؤكدا أن منع المجاهرة بالإفطار في ظاهره القسوة والتشدد لكن في باطنه الرحمة والضبط ضمان السلم والرضا الاجتماعي.