تصفية "جنينة" هل تسبق التسوية مع "عنان"؟

عجلت المحكمة العسكرية بمصر بسجن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، 5 سنوات، على خلفية تصريحه الخاص بشأن احتفاظ رئيس أركان الجيش، الفريق سامي عنان، بوثائق وأدلة يدعي احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها.

وأحالت النيابة العسكرية قبل أيام المستشار "جنينة" إلى المحكمة العسكرية، التي قضت، الثلاثاء، بحبسه بدعوى أن ما قاله "بجانب ما يشكله من جرائم يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن في سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب".
وأثار الحكم تساؤلات بشأن دلالات التعجيل بحبس "جنينة"، دون الفريق "عنان"، وما يحمله من إشارات للمعارضين، ومدى قانونية المحاكمة أصلا، وهل تعد توطئة لإصدار حكم آخر بحق عنان، أم تسوية مقبلة مع الأخير؟

"الأسوأ من بين أنظمة يوليو"
عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، خالد إسماعيل، فند الحكم الصادر بحق المستشار "جنينة"، وقال: إن "هذا الحكم الجائر في هذه المدة القصيرة هو إعلان واضح بأننا لم نعد في دولة قانون، وأن ملامح فترة حكم الجنرال الحاكم القادمة هي القمع والتنكيل بكل المعارضين" .
وعن دلالات ذلك الحكم، أكد أنه "يحمل إشارات واضحة للمعارضين بأن هذا الإصدار هو الأسوأ من نوعه من بين أنظمة يوليو (العسكرية)، وأنه لن يغير من سياسة القمع والتنكيل، بل ستكون سنوات الحكم القادمة أسوأ من الماضية".
واستبعد أن يكون الحكم على "جنينة" توطئة للحكم على "عنان" قائلا: "الحكم لا يعد توطئة لحكم آخر على الفريق سامي عنان؛ نظرا لإنكاره إجراء أي حديث مع جنينة أثناء المواجهة بينهما، وللأسف يدفع المستشار جنينة الثمن وحده".
معتبرا أن "محاكمة جنينة عسكريا هي إهدار لحرية التعبير، وحق جنينة في محاكمة عادله أمام قاضيه الطبيعي، وهو ما نطالب به منذ إسقاط نظام مبارك، ويؤكد صحة الشعار الذي طالما أكدنا عليه، وهو: لا لمحاكمة المدنيين عسكريا".

"الحلقة الأضعف"

رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري، اعتبر أن "سجن المستشار جنينة عبر محاكمة عسكرية مسيسة يعد جريمة تضاف لجرائم الحكم العسكري، وتأتي في محاولة من زعيم الانقلاب السيسي لإسكات صوت معارضيه، ولترسيخ حكم الفرعون الأوحد".
وأضاف : "جاء الحكم على جنينة قبل الفريق سامي عنان كون جنينة هو الحلقة الأضعف؛ لأنه مدني وليس عسكريا، حيث يمارس السيسي ضغوطا هائلة على الفريق عنان؛ لإجباره على التراجع عن فضح مخططات السيسي لصالح الكيان الصهيوني، ولكي يرسل السيسي رسالة مفادها أنه استطاع السيطرة الكاملة على المؤسسة العسكرية".
مضيفا أن "هذا الحكم الجائر يعد بمثابة كرت تحذير للقوى الوطنية التي تعمل للتصدي لمشروع السيسي الاستبدادي الخياني. ولا يستبعد أن يلجأ السيسي لإصدار حكم ضد الفريق عنان حال عجز عن كسره، وأحسب أن عنان سوف يصمد في معارضة مخطط السيسي الخياني".

"مخالفة للقانون والدستور"

على المستوى القانوني والحقوقي، فند عمرو عبدالهادي الحكم قائلا: "إن محاكمة جنينة عسكريا تعد مخالفة صريحة للقانون والدستور، وأمر مخالف لكل المواثيق الدولية والدساتير العالمية، كما يخالف القانون العسكري الذي ينص على عدم جواز محاكمة العسكري أمام القضاء العسكري إذا كان خارج نطاق الخدمة، لكن المدني يحاكم عسكريا حسب أهواء الحاكم".
وأضاف المحامي والحقوقي أن "هذا الحكم هو نوع من أنواع التنكيل بالحقوق والحريات؛ لأن القضاء العسكري يفتقر لأدنى ضمانات المحاكمة العادلة"، وأعرب عن توقعه بأن "يفرج النظام عن جنينه عفوا صحيا بعد فترة من محكوميته".
"تصفية جنينة وتسوية عنان"

فيما أعرب الكاتب والمحلل السياسي، محمد السيد، عن دهشته، قائلا: "قرار حبس جنينة جاء بأسرع ما كان متوقعا، خاصة أن الأمر يتعلق بطرف أساسي في القضية، وهو الفريق عنان، ورغم ما قيل بأن الأخير نفى ما ذكره الأول، إلا أن هناك جزءا كبيرا من الحقيقة، وهو أن المنظومة العسكرية الانقلابية لن تسمح بتجاوز الخطوط الحمراء، وأن أسرارها ستظل محرم الاطلاع عليها".
مضيفا: أن "النظام كان يتربص بجنينة منذ أن أعلن عن حجم فساد يقدر 600 مليار جنيه، وبدلا من التحقيق في أسباب الفساد عُزل من منصبه، واتُهم بترويج شائعات تضر بالبلاد"، لافتا إلى أن "محاكمة جنينة أمام محكمة عسكرية أمر مخالف للدستور، الذي كتبه العسكر، وينص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية".
وتوقع أن يكون الحكم له آثار سلبية على مناخ الحريات، قائلا: "لن يتجرأ أحد على ذكر المؤسسة العسكرية أو تناولها بشيء من النقد. أما عن الفريق عنان، فستتم تسوية القضية بعد أخذ التعهدات اللازمة مقابل الإفراج عنه".

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,961,615

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"