هذا هو رأيي بالانتخابات القادمة في العراق

عبدالحكيم عبدالرحمن السعدي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد

 

فمنذ أشهر قال بعض المشايخ والعلماء رأيهم في الانتخابات التي ستجري عام 2018، ما بين مجيز للمشاركة فيها، وبين من جعلها واجباً عينياً أو كفائياً، وآخرون ذهبوا إلى توجيه النصيحة دون اصدار حكم نهائي فيها، والكل مجتهد، ذلك لأن هذه المسألة من المستجدات قد يختلف فيها الرأي حسب رؤية المفتي، فمن أصاب منهم له أجران ومن أخطأ فله أجرٌ واحد.

وقد أرجأت قولي فيها إلى أن يقرب موعدها توخياً الدقة في الرأي بعد ان تتكشف الصورة ويظهر ما كان مختبأ وهذا ما قد حصل.

لقد كنا في الانتخابات السابقة التي جرت ثلاث مرات بعد الاحتلال نصدر الفتوى على انها محرمة ترشيحاً وانتخاباً لأسباب كثيرة من أهمها:

1- انها تجري في ظل الاحتلالين الأميركي والصفوي.

2- انها تجري على نظام المحاصصة والطائفية، وقد أكد لنا خبراء قانونيون ان قانون الانتخابات الحالي قائم على أسس غير وطنية وغير ديمقراطية ويكرّس الطائفية ويفسح المجال للفاسدين الذين وضعوه على مقاسات مصالحهم ومصالح أحزابهم.

3- انها تجري في ظل دستور فاسد من صنع المحتل.

4- انها تجري بنظام غير عادل في نسب المواطنين.

5- ان المتزعّمين فيها هم أصحاب الاحزاب الطائفية والعملاء الذين جاءوا مع المحتل وقد أشاعوا الفوضى والفساد في العراق، وقد اثبتت التجارب انهم لا نفع فيهم، بل هم ضرر على العراق وأهله.

6- أما التذرع من قبل بعض السياسيين بأنهم يدخلون العملية من أجل سد الفراغ ونصرة المظلوم وتخفيف الضرر، فقد ثبت ان ذلك مجرد إدعاء أثبتت الايام خلافهُ، فهم ما بين عميل للمحتل، او فاسد يبتغي مصالحه الشخصية، او ضعيف لا يستطيع تغيير شيء او التأثير في قرار، او موالٍ للمشروع الصفوي ومداهنٍ له ضماناً لمنفعته الشخصية.

7- بالنسبة لما يسمى "أهل السنة" فانه وان لم يكن هناك نص أو قرار يحدد نسبتهم الاّ ان مؤتمر لندن– سيء الصيت– اتفق فيه المتآمرون على العراق ظلماً وعدواناً على ان نسبتهم لا تزيد على 17% وهي نسبة لا تؤهلهم لصنع قرار ولا للتصدي لأي قرار، وبذلك فان اشتراكهم في العملية السياسية وفي البرلمان ما هو الاّ اضفاء للشرعية لها بإكمالهم العدد المطلوب.

8- ومع اعطائهم هذه النسبة توافقاً وكلاماً الاّ ان ماحصل عليه أهل السنة من الناحية العملية والواقعية اقل من ذلك بكثير، فبعض الدوائر الرسمية والقوات المسلحة كانت نسبتهم صفراً وبعضها لا يزيد على 3% وهكذا دواليك.

لهذه الاسباب حرّمنا في حينه الاشتراك في العملية السياسية عموماً والانتخابات على وجه الخصوص، كي لا يكون الشرفاء ـأداة لتمرير فساد الفاسدين والمشاريع الصفوية والأميركية التي احتلوا العراق من أجلها، ودعونا إلى العمل على ازاحة هذه العملية والتصدي لها بكل حزم.

أما اليوم فاننا نضيف إلى الاسباب التي دعتنا إلى تحريم الاشتراك في العملية السياسية والانتخابات ما يأتي:

1- انها تجري في هيمنة مطلقة للميليشيات الطائفية التي تعود للاحزاب المهيمنة على الحكم كالحشد الشعبي والعصائب وما إلى ذاك.

2- غياب الديمقراطية تماماً وقد جرَّبنا 14 عاماً من عدمها ومن الفساد الذي لم تشهده دولة في العالم حتى أصبح العراق مصنفً من أسوأ الدول في الفساد.

3- الذين يتصدرون الموقف الان في هذه الانتخابات هم انفسهم الذين خرَّبوا البلاد وأشاعوا الفساد، ومن الاحزاب الطائفية وقادتها الموالين لولاية الفقيه في ايران، واللافت انهم أدخلوا المرجعية الدينية في النجف ضمن دعايتهم الانتخابية وجعلوا منها محطة للقرار النافذ بما يشكل دكتاتورية من نوع جديد، كما ان المشرفين على الانتخابات مندوبون عن نفس الاحزاب الطائفية والميليشيات بما لا يدع أي شك في عدم نزاهتها.

4- اما من يدّعي انه من "أهل السنة" وانه انما يشترك من أجل التغيير والاصلاح فاننا بعد ان سمعنا تصريحاتهم وسبرنا أعمالهم وجرَّبناهم في امور كثيرة اتضح لنا انهم ما بين غير قادرٍ على صنع قرار، وضعيفٍ لا يستطيع التأثير، ومنتفعٍ يريد تحقيق مصالح شخصية فلا نأمل فيه اي خير.

5- وأما الادعاء بأن في اشتراكهم تخفيفاً للضرر عن قومهم فإننا من الناحية العملية وجدناهم يزيدون الضرر ولا يخففونه، فلم يستطيعوا ان ينصروا مظلوماً ولا مهجَّراً ولا نازحاً ولا سجيناً، بل ربما كانوا عوناً لأعدائهم عليهم، والشواهد في هذا المجال واضحة لكل ذي بصيرة.

وقد تابعنا تصريحات بعض المرشحين ومواقفهم المخزية التي تصدر عن مجاملة وتأويلات والتماس للاعذار للصفويين ومشاريعهم. فأي فائدة في الانتخابات؟!


الرأي الشرعي الذي أراه:

لكل ما تقدم من سلبيات غير قابلة للاصلاح مع هذه العملية السياسية أرى ان الاشتراك في العملية السياسية عموماً والانتخابات– ترشيحاً وانتخاباً– على وجه الخصوص أمرٌ محرم شرعاً يأثم المشتركون فيه لما فيه من مفاسد عظيمة تفوق على المصالح التي قد يرى البعض انها تتحقق فيها (ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح) .

ما الحل اذاً:

يتساءل البعض اذاً وهل نترك الساحة لهؤلاء المبطلين الفاسدين يفعلون ما يشاؤون؟!

الجواب في نظري:

انه ليس من واجب المفتي أن يضع حلولاً سياسية بل عليه ان يوضح رأي الشريعة فقط، واننا حين نحرِّم الاشتراك في العملية الساسية والانتخابات لفسادها ليس معنى ذلك اننا ندعو إلى ترك الساحة للفاسدين أن يعيثوا في العراق كما يشاؤون، لا بل اننا ندعو إلى تغيير شامل عبر قنوات سلمية متنوعة كل من موقعه.

اننا ندعو المخلصين الوطنيين من ابناء العراق على مختلف اديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وأعراقهم إلى التجمع للقيام بالتغيير الشامل في العراق وفق ما يأتي:

1- تشكيل حكومة وطنية مؤقتة يشترك في تشكيلها جميع الفعاليات المخلصة للعراق بصرف النظر عن مذهبهم وطائفتهم وعرقهم ولا يشترك فيها احد من الذين اشتركوا في العملية السياسية بعد الاحتلال.

2- تقوم هذه الحكومة بالآتي:

أ- وضع دستور مؤقت على اسس وطنية.

ب- وضع قانون انتخابات على اسس وطنية.

ج- إزاحة كل عناصر الفساد وابعادها ليحل محلهم من يكون ولاؤه للعراق لا لأي جهة اخرى.

د- تشكيل جيش وقوى مسلحة على اسس وطنية كما كان قبل الاحتلال.

3- لا مانع شرعاً لتحقيق ذلك من الاستعانة بأي جهد دولي او اقليمي او عربي، على ان لا يكون على اساس سلب السيادة والاملاءات الاستعمارية والاطماع بخيرات العراق.

4- يترك التصور الاخير للتغيير لمن أثبتت السنون على مدى 15 عاماً من الاحتلال انهم عراقيون لا حياد لهم عن الوطن، وانهم ثابتون على المبادئ والقيم، لم يعرفوا انتهازية او تلوناً او نفاقاً.

والله ولي التوفيق.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,163

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"