ما مدى جدية واشنطن بوقف دعم الميليشيات الكردية في سوريا؟

شكك محللون سياسيون في صدقية الإعلان الأميركي عن وقف الدعم العسكري للمنظمات الكردية في شمال سوريا، وقالوا إن هذا الإعلان جاء نتيجة متوقعة لانتهاء العمليات الكبرى ضد تنظيم الدولة في المناطق التي تسيطر عليها قوات "سوريا الديمقراطية" المتحالفة مع واشنطن.

وربط المحللون بين وجود كميات كبيرة من العتاد والسلاح لدى تلك الميليشيات، وبين انتفاء الحاجة لمزيد من الدعم في الوقت الراهن، في ضوء الحديث عن قرب التوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر في سوريا.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال الجمعة إن الرئيس رجب طيب أردوغان، تلقى اتصالًا هاتفياً من نظيره الأميركي، دونالد ترمب، أخبره فيه بأنه أصدر تعليمات واضحة لمؤسسات بلاده بعدم إرسال شحنات إضافية من الأسلحة لتنظيم "ب ي د" الذي يعمل في إطار قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا.

ولفت إلى أن ملفا دعم الولايات المتحدة لـ"ب ي د" بالسلاح، وكذلك دعمها لتنظيم "فتح الله غولن" ، تعتبر من أبرز المواضيع التي تؤثر سلبياً على العلاقات التركية مع الولايات المتحدة. 

الخبير العسكري أحمد الحمادي قال إن الولايات المتحدة زودت تلك الميليشيات سابقا بكميات كبيرة وهائلة من الأسلحة المختلفة، والتي تكفي لتحقيق الأجندات الأميركية في المنطقة دون الحاجة لمزيد من الدعم. وأشار إلى أن "واشنطن زودتهم بكل أنواع الأسلحة إلا الطائرات فقط".



2000 مقاتل 

وأضاف أن واشنطن موجودة في المنطقة التي تسيطر عليها حليفتها قوات سوريا الديمقراطية، ولديها هناك حوالي 2000 مقاتل ينتشرون في 10 قواعد عسكرية، وهذه القوات كافية إلى جانب المليشيات الكردية لفرض النفوذ الأميركي في كامل المنطقة شمال سوريا.

وحول التعهد الأميركي لتركيا بوقف دعم تلك الميليشيات قال "أتوقع أنه عندما انتهت مهمة قوات سوريا الديمقراطية في هذه المناطق، ولم يعد هناك أعمال هجومية ممكن أن تقوم بها، وانحسر دورها الآن في الحفاظ على المناطق التي سيطرت عليها شمال وشرق الفرات، سعت أميركا  إلى تحسين العلاقات مع تركيا التي ترفض وجود هذه الميليشيات على حدودها، ولا أتوقع أن تجازف أميركا بعلاقاتها مع حليفها القوي تركيا لصالح انفصاليين استخدمتهم في تحقيق مصالحها في سوريا".

وتحدث الحمادي عن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية في سوريا، وأشار إلى أنها تسيطر فعليا على حوالي 320 كيلومترا من الحدود مع تركيا، "من منطقة عين ديوار في أقصى الشمال الشرقي في سوريا مرورا بالقامشلي والحسكة وعامودا ودرباسية وتل أبيض وصولا إلى منطقة منبج".

وأضاف أن "نفوذ تلك الميليشيات وصل إلى دير الزور شرقا، حيث تسيطر بمساعدة القوات الأمريكية على حقول الكونيكو والعمر والتنج والعزبة، وهي من أهم الحقول النفطية في شرق سوريا، وباتت الآن تسيطر على منطقة الجزيرة السورية المحصورة بين نهري الفرات ودجلة، بالإضافة إلى منبج التي تعتبر خارج منطقة الجزيرة، وكان عليها تفاهمات بين الإدارة الأميركية وتركيا بأن تنسحب قوات سوريا الديمقراطية منها إلى شرق الفرات، ولكن هذا الاتفاق لم ينفذ".


تسليح أميركي مميز 

من جهته قال المحلل السياسي، محمود عثمان، إن هناك قناعة أميركية بجدوى العمل مع المنظمات الكردية في شمال سوريا، وهذا بالتأكيد أثار غضب ومخاوف تركيا، خاصة مع التسليح الأميركي المميز لها، من الأسلحة الثقيلة التي غالبا ما تزود بها الدول وليس منظمات محلية.

وأشار عثمان إلى أنه مع دخول سوريا مرحلة التسوية، اتضح أن الأميركان لا يريدون أن يخسروا تركيا، وأضاف "أعتقد أن ترمب وإدارته لم يكونوا يفضلون هذا كل هذا الدعم لهذه المنظمات والذي امتد منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وعليه فإن واشنطن الآن أمام  اختبار حقيقي في إمكانية وقف الدعم عن تلك المنظمات".

واستدرك بالقول "لكن ليس كل ما يريده ترامب يأخذ طريقه للتنفيذ، فالكثير من قراراته ما زالت موضع نقاش وخلاف في أروقة الإدارة الأميركية".

وحول مصير تلك المنظمات حال توقف عنها الدعم أضاف "المسألة الكردية حساسة، والميليشيات الانفصالية ذهبت بهذه القضية حد المقامرة، ورأينا كيف تعامل المجتمع الدولي مع استفتاء الأكراد في شمال العراق وكيف عبر عن رفضه، وهو لا ينظر بعين الرضا إلى توجهات الأكراد إلى الانفصال في كيانات مستقلة".

وتابع "أميركا والمجتمع الدولي تتعامل مع هذه الميليشيات تكتيكيا للوصول إلى هدف محدد ولكن على المستوى السياسي فلا اعتقد أن هناك أفق ومستقبل لهذا التعامل".

 

سياسة النفس الطويل

ومتحدثا عن خيارات تركيا إزاء تهديد تلك المنظمات المتواجدة على حدودها قال عثمان "تركيا تتعامل بسياسة النفس الطويل، ولا تريد الصدام العسكري المباشر، ومن أجل ذلك دقت وتدين، الأول: هو درع الفرات والثاني: العملية في إدلب، وذلك للحيلولة دون إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة أو إنشاء جسم كردي منفصل في المناطق المحاذية لحدودها".

وفي هذا الصدد تابع "الحديث الآن عن جسم كردي يغطي شمال سوريا وجنوب تركيا بات في حكم الملغى تقريبا، وهذا ما حققه التدخل التركي في سوريا، وأرى أنه لن يقف عند هذا الحد، فتركيا تضع عينها على عدة مناطق تسيطر عليها الميليشيات الكردية مثل عفرين، بغية تقليل نفوذ تلك المنظمات التي تهدد أمنها الاستراتيجي".

أما الكاتب والمحلل السياسي التركي، جنكيز تومار، فرأى أنه لا يمكن الوثوق بما أعلنته واشنطن حول وقف تسليح المنظمات، لافتا إلى أن التقارب الروسي الإيراني التركي والذي تمثل في مؤتمر "سوتشي"، كان له أثر كبير في إعلان أميركا وقف تسليح هذه المنظمات.

وذكّر الكاتب عدم وفاء إدارة أوباما بسحب الميليشيات الكردية من منبج القريبة من الحدود التركية، لافتا إلى أن هذه الحادثة تثير أسئلة حول صدقية الإعلان الأميركي ومدى التزامها به.

وقال تومار إن هناك تقاربا سوريا إيرانيا روسيا، ويبدو أن تركيا لا تعارض قضية وجود الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، وهي بذلك قبلت بوجهة النظر الروسية حول الحل السياسي في سوريا.

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,503,346

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"