أكدت مسؤولية قوات حكومية، "هيومن رايتس ووتش" تكشف عن موقع إعدام غرب الموصل وتدعو لتحقيق عاجل

الصورة: صور بالأقمار الصناعية بتاريخ 12 تموز تُظهر المبنى وضفة نهر دجلة، غرب الموصل، اللذان ظهرا في فيديو يُصوّر جنوداً عراقيين يُلقون معتقلاً من أعلى المبنى، ومركبات عسكرية قريبة منهم.

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير موسع لها صدر اليوم الأربعاء، إن مراقبين دوليين اكتشفوا موقعا للإعدام في غرب الموصل. ووجهت دعوة عاجلة للحكومة العراقية للتحرك.

 

ويقترن تقرير المنظمة بشهادات جديدة حول إعدامات في مدينة الموصل القديمة وما حولها، وعمليات التوثيق المستمرة لقتل القوات العراقية رجالاً يفرون من الموصل في المرحلة الأخيرة من المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف أيضا بـ "داعش".

وقالت المنظمة إنه رغم الوعود المتكررة بالتحقيق في مخالفات قوات الأمن، لم يُثبت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قيام السلطات باحتجاز أي جندي مسؤول عن قتل وتعذيب وإساءة معاملة العراقيين في هذا النزاع.

وأكدت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، أنه "في الوقت الذي يحتفل فيه رئيس الوزراء العبادي بالانتصار في الموصل، يتجاهل طوفان الأدلة التي تثبت ارتكاب جنوده جرائم حرب في المدينة التي وعد بتحريرها. سينهار انتصار العبادي ما لم يتخذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات البشعة على يد قواته".

وأشار التقرير إلى أن مراقبين دوليين، سبق وأن قدموا أدلة موثَّقة، وأخبروا هيومن رايتس ووتش أنه في يوم 17 تموز/ يوليو 2017، وفي حوالي 3:30 بعد الظهر، أخذهم أحد أصحاب المحلات، في حي متاخم للبلدة القديمة في الموصل، إلى مبنى فارغ وأراهم صفا لـ17 جثة لذكور حفاة الأقدام وبزي مدني وسط بركة دماء. قال المراقبون إن كثيرين بدوا وكأن أعينهم كانت معصوبة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.

وقال المراقبون الدوليون إن صاحب المتجر أخبرهم أنه شاهد "الفرقة 16" التابعة لقوات الأمن العراقية في الحي قبل 4 ليال، وتعرف على الفرقة من شاراتها ومركباتها، حيث سمع تلك الليلة طلقات نارية متعددة قادمة من منطقة المبنى الفارغ. في صباح اليوم التالي، عندما غادرت الفرقة المنطقة، أخبرهم أنه توجه إلى المبنى ليرى جثثا ممددة في وضعيات تشير إلى إطلاق النار عليها في المكان. لكنه لم يتعرف على القتلى.

وشاهد المراقبون الدوليون أيضا جنودا من قوات النخبة "جهاز مكافحة الإرهاب" في المنطقة. اتصلوا بـ هيومن رايتس ووتش من الموقع عبر الهاتف وزودوها بخمس صور التقطوها للجثث.

وفي اليوم نفسه قال مراقب دولي آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه تحدث إلى مسؤول حكومي كبير في الموصل عبّر له عن ارتياحه لإعدام من يُشتبه بتبعيتهم لتنظيم داعش "طالما أنه لا يوجد تعذيب". قال المراقب إن قائدا عسكريا أراه مقطع فيديو ملتقط قبل بضعة أيام لمجموعة من جنود جهاز مكافحة الإرهاب يحتجزون 2 من المعتقلين في البلدة القديمة. وقال إن القائد أخبره بأن القوات أعدمت الرجلين مباشرة بعد تصوير الفيديو.

كما نشر صلاح الإمارة، وهو مواطن عراقي ينشر بانتظام معلومات عن الأنشطة الأمنية والعسكرية في الموصل وما حولها، 4 أشرطة فيديو على "فيسبوك" قال إنها صُورت في غرب الموصل يومي 11 و12 تموز. يُظهر أحد مقاطع الفيديو المنشورة يوم 11 تموز على ما يبدو قيام جنود عراقيين بضرب أحد المحتجزين، ثم رميه من جرف وإطلاق النار عليه وعلى جثة رجل آخر كان قد ألقي أسفل المنحدر. وتحققت "هيومن رايتس ووتش" من موقع أول فيديو استنادا إلى صور الأقمار الصناعية. وأظهرت أشرطة فيديو أخرى جنودا عراقيين يركلون رجلا ينزف ويضربونه، وعناصر من الشرطة الاتحادية يضربون 3 رجال على الأقل، وجنودا عراقيين يركلون رجلا محتجزا وهو على الأرض.

وقال مراقب دولي ثالث لـ "هيومن رايتس ووتش" إنه شاهد في 18 تموز جنود جهاز مكافحة الإرهاب يحضرون مشتبها بانتمائه إلى داعش إلى قاعدتهم في حي جنوب غرب المدينة القديمة يوم 11 تموز. ولم ير المراقب ما حدث للمشتبه به بعد ذلك، لكن قال إن جنديا عرض أمامه لاحقا مقطع فيديو له ولمجموعة جنود يضربون الرجل بوحشية، وفيديو ثانٍ للرجل قتيلاً بعيار ناري في رأسه.

وأضافت ويتسن "يبدو أن بعض الجنود العراقيين لا يخافون مواجهة عواقب قتل المشتبه بهم وتعذيبهم في الموصل، بدليل أنهم يرتاحون لمشاركة أدلة لما يبدو أنها صور وفيديوهات صادمة للغاية" وتابعت القول "التساهل مع أعمال القتل الانتقامية والاحتفالية هذه سترتد آثاره على العراق لأجيال قادمة".

كما قال مراقب دولي رابع لـ "هيومن رايتس ووتش" في 11 تموز إنه في اليوم السابق، شاهد مجموعة من جنود جهاز مكافحة الإرهاب يدفعون رجلا مقيد اليدين خلف ظهره إلى متجر مدمر بالقرب من الطريق الرئيسي غرب البلدة القديمة. وأنه سمع عدة طلقات نارية. وحين ذهب إلى المكان بعد مغادرة الجنود عثر على جثة الرجل مع ثقوب رصاصات في مؤخرة رأسه. واكد المنظمة الدوزلية أن المراقب زودها بصورة للجثة.

وفي 10 تموز، قال المراقب نفسه إنه شاهد قوات الأمن العراقية خارج البلدة القديمة تحتجز حوالي 12 رجلا أيديهم مقيدة خلف ظهورهم. وتابع إن ضابطا أخبره أن الفرقة 9 التابعة للجيش احتجزت هؤلاء الرجال داخل البلدة القديمة للاشتباه في انتمائهم إلى داعش. كما أنه رأى الجنود يقودون الرجال المحتجزين بعيداً عن الأنظار، ثم سمع طلقات تخرج من مكانهم. ولم يتمكن المراقب من التحقق مما حدث.

أما في 7 تموز، فقد قال مراقبان دوليان إضافيان لـ "هيومن رايتس ووتش" إنهما شهدا في مناسبات مختلفة أواخر حزيران/ يونيو قيام جنود بنقل 5 أشخاص الأقل يُشتبه في انتمائهم إلى "داعش" من البلدة القديمة إلى الغرب مقيدين إلى سيارات "همفي" عسكرية، بينما كانت الحرارة في المدينة تصل غالبا إلى 48 درجة مئوية.

ووثقت منظمة "عين الموصل" غير الحكومية انتهاكات جميع الجهات في الموصل منذ عام 2014، ونشرت مقاطع فيديو وشهادات شهود حول الإعدامات على حسابها على "تويتر" منذ 14 تموز. وقالت إحدى التغريدات "إعدام جماعي "بأسلوب سبايكر" [إشارة إلى مجزرة داعش عام 2014] لآخر الناجين من المدينة القديمة. قوات الأمن العراقية تقتل وترمي جثث كل من تجده في النهر".

وأشار تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إلى انه اعتبارا من 10 تموز، منع الجيش العراقي وصول معظم الصحفيين إلى غرب الموصل، مما حدَّ من تغطية الأحداث الأخيرة داخل المدينة القديمة. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن على القوات العراقية السماح للصحفيين بالوصول إلى غرب الموصل للإبلاغ عن النزاع وأي انتهاكات مزعومة.

وخلال عملية إعادة السيطرة على الموصل، وثقت "هيومن رايتس ووتش" احتجاز واعتقال القوات العراقية ما لا يقل عن 1200 رجل وصبي في ظروف لا إنسانية ومن دون تهمة، وفي بعض الحالات جرى تعذيبهم وإعدامهم، بذريعة انتمائهم إلى "داعش" بعد فحصهم. وفي الأسابيع الأخيرة من عملية الموصل، أُبلغت "هيومن رايتس ووتش" عن تنفيذ عمليات إعدام من يُشتبه في انتمائهم إلى "داعش" في مدينة الموصل القديمة وما حولها.

إلى ذلك قال ممثل عن وزارة الخارجية العراقية لـ "هيومن رايتس ووتش"، اليوم، إنه سيطلب إجراء تحقيق حكومي في هذه الادعاءات.

وأثارت "هيومن رايتس ووتش" مراراً مخاوف بشأن ادعاءات سوء المعاملة والتعذيب والإعدام خلال اجتماعاتها مع مسؤولين عراقيين في بغداد، وكذلك مع ممثلي الدول الأعضاء في التحالف بقيادة الولايات المتحدة. لكن تقرير المنظمة اكد أن "هيومن رايتس ووتش" ليست على علم بأي تحقيق شفاف في الانتهاكات التي ترتكبها القوات المسلحة العراقية، أو حالات محاسبة قادة على إساءة معاملة، أو تلقي أي ضحية عانت من سوء المعاملة التعويض.

وأكدت المنظمة أنه يتوجب على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما فيها القتل غير القانوني وتشويه الجثث، من جانب أي طرف في النزاع، بطريقة سريعة وشفافة وفعالة، وصولا إلى أعلى مستويات المسؤولية.كما  ينبغي محاكمة أولئك الذين وُجدوا مسؤولين جنائياً على النحو الملائم.، مؤكدة ان الإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب أثناء النزاع المسلح هي جرائم حرب.

وقالت ويتسن إن "التقارير ومقاطع الفيديو والصور، التي يستمر ظهورها، عن الإعدامات غير المشروعة والضرب من قبل الجنود العراقيين يجب أن تكون كافية لإثارة مخاوف خطيرة على أعلى المستويات في بغداد والتحالف الدولي الذي يقاتل "داعش". كما نعرف جيدا في العراق، إن لم تحاسب الحكومة مرتكبي عمليات القتل هذه، قد يتولى المهمة الشعب العراقي بنفسه".

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,986

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"