تقديم: ضرغام الدباغ
أشقاؤنا الشوام، عباقرة ودهاة في السياسة، ربما بالفطرة، أو أن ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية دلتهم على تعامل كثيف في السياسة والدبلوماسية، وهم يتعاطون هذا الفن الراقي بحرفية عالية، ولهم أمثلة وقواعد رائعة، وحيث يحتار الدبلوماسي في إيجاد عبارة لا تلزمه بموقف، أو ما لا يريد أن يصرح به، فيطلق جملة ويدعك تحتار في معانيها ومغزاها، وماذا يريد، ولكن اليوم ليس يوم دبلوماسية ولا تعامل عبقري، فالناس قادمون وبيدهم سكاكين شحذوها بصورة رهيبة.
وحسب نظرية الكلاب البوليسية، الكلب الذي يتخصص بكشف المخدرات يجعلونه يدمن المخدرات، فيعطونه كميات منها حتى يدمنها إدماناً ساحقاً لا مفكَّ عنه، ثم يأخذونه للواجب، فبالإضافة إلى غزيزته الخرافية في قوة الشم (30 مليون مرة أعلى من الإنسان) هناك الإمساك عن تناول حصته، فيشم المخدرات حتى لو كانت في أكياس نايلون أو مغلفة بأي حاجة، ومن مسافات بعيدة، وعندما يشخّص الحقيبة، يكاد يمزقها تمزيقاً، وإذا كان حامل المخدرات إنساناً، فيجن جنون الكلب ويكاد يمزقه، ولكن الشرطة الأوروبية بشر، هم يريدون المخدرات وليس حاملها، فالقانون والمحاكم تتكفل بالحائز على المخدرات أو المتاجر بها.
رباط الحديث...
من الجمل السحرية التي يتداولها أهل الشام "أفهمها مثل ما بدك" تجنباً لإطلاق ألفاظ صعبة! وأعتقد أن هذه الجملة تواجدت في المجتمعات العربية أيضاً، وفي العراق أيضاً، وهناك جمل أخرى كثيرة على هذه الشاكلة بل أدهى وأمر! أعد قرائي بأن أسردها لهم وقت الحاجة مستعيناً بحكمة عبقرية في السياسية والدبلوماسية، وهي للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان "عزمت أن لا أستخدم سيفي حيث يكفيني سوطي، وأن لا أستخدم سوطي، حيث يكفيني صوتي".
مناسبة هذه المقدمة.. أو رباط الحديث هو أني قرأت مقالة مهمة للمدعو جورج فريدمان، وهذا الرجل من مهندسي وعلماء العمل الاستخباري الأميركي، وفي هذا المقال الذي هو بعنوان "تحالف أقل من المقبول"، يتحدث صراحة تامة (إلا قليلاً، يدع شيئاً منها لذكاء القارئ) ومن هنا استخدامي للمقول الشامية "أفهمها مثل ما بدك"، وباختصار شديد، فليعلم كل عربي وكل مسلم أنه هدف موضوع وسط علامة (+) والقناص ماهر، والمسألة بالنسبة له مسألة وقت.
ويبدو أننا قد تعرضنا لاختراقات في أكثر من مكان، حتى ممن كنا نعتبرهم من عظام الرقبة .. يا للأسف.. وسوف لن يبق متمسكاً بهويته إلا من هو بصلابة ونقاوة الماس، وسنشهد في المقبل من الأيام مشاهد عجيبة لا تدخل الدماغ، فكما لا حدود لخيال قادة معسكر الإبادة والقتل، كذلك ابتدأوا العمل في الجانب (الثقافي)، بطبع قرآن جديد هو قيد التوزيع، وتأسيس مساجد على هواهم، تؤم فيها نساء المصلين والمصليات، يحضرها رجال ونساء سافرات، وشاذين جنسياً يصلون معاً بروح وممارسة وثقافة ليبرالية، وقد شرعوا بتدريب علماء وأئمة من هذا الطراز، ولكن في الأخير سوف لن يصح إلا الصحيح.
والآن إليكم مقالة جورج فريدمان، إقرأوها بإمعان وأفهموها مثل ما بدكم!
المسألة لا تحتاج لكثير من الذكاء، ولا لمحلل سياسي أريب.. سهلة وتفهم على الطاير، الصعوبة فقط تكمن في مسألة واحدة فقط. في أن تختار موقعك من المباراة... مهاجم، مدافع وسط، شبه وسط، حامي هدف، مشجع، متفرج، أو ربما أخذتك النومة أو تناومت أو تكاسلت وفضلت البقاء في البيت تتفرج المباراة على التلفزيون الملون ذو الشاشة العريضة! كالقائل "الجلوس على التل أسلم" ولكن ليس بالضرورة الجلوس على التل عاصمك من الخطر.
ليس بالضرورة أن تذهب أنت للخطر... الخطر هو بنفسه سيأتي إليك...! انتبه حتى لو تملقته فهو سيدرك أنك تريد أن تنقذ رأسك فقط، دون كل ما تملك.. سيوفرك لبرهة، يلعب على أعصابك، ولكنه سيستغني عنك... انتبهوا.. تبينوا مواقعكم وما أنتم فيه وما أنتم فاعلون.
تحالف أقل من المقبول