مؤتمرات ومتآمرون

‏شاكر محمود الفلاحي

قيل إن جنوداً غزاةً دخلوا قرية واغتصبوا نساءها اللواتي استسلمن لقوتهن الطاغية بالباطل، إلا ‏واحدة منهن أبت بل وقاومت مغتصبها الذي أراد أن يسلبها حقها بباطله الضعيف، فقتلته وقطعت رأسه ‏ثم خرجت إليهن تحمل رأس الباطل المقطوع وتختال بلباس العز والشرف بإباء،  في حين أنهن كنَّ ‏مكللاتٍ بعار ضعفهنَّ، ومقيدات بسوء استسلامهنَّ، يلملمن ملابسهنَّ التي مزقها المحتل بعدما فعل ما ‏فعل....  نظرت إليهن وصاحت بقوة صوت الحق: 

ما ظنكنَّ أني كنت فاعلة، أأتركه ينتهكني دون أن أقتله أو يقتلني؟!

نظرن لبعضهن نظرة استصغار، ثم توحَّدت نظراتهن إليها حقداً وحسداً، واستكبرن في نفوسهن شرفها ‏المصان أمام شرفهن المنتهك المنهار، فما كان منهن إلا أنهن قتلنها غيلةً على حين غفلة منها، رغبة ‏منهن في طمس عارهنّ، قتلنها ظناً منهن أنهن سيسترن عوراتهن التي انكشفت بخنوعهن أمام المحتل ‏الغدار، ليغطين وجه الشمس بغربال.

 

عادت هذه القصة لمخيلتي برمزيتها أو حقيقتها لتغتال طمأنينة نفسي وأنا أتصفح مواقع كثيرة ‏تتحدث عن مؤتمرات، لا مؤتمر، مؤتمرات تمتد من الثالث عشر حتى الخامس عشر من تموز ‏الجاري، لمجاميع تدَّعي أنها تمثل أهل السنة والجماعة، واتضح بالواقع الملموس أنهم لا يمثلون إلا ‏أنفسهم ومصالحهم الذاتية الضيقة، فهم الباحثون عن بقايا غنائم مهدورة، المنقبون عن مناصب ‏ضاعت منهم سابقاً، وهاهم الآن يعقدون المؤتمرات لعلهم يتباكون كالنساء على ما لم يحفظوه كالرجال، على مجدٍ وشرف أضاعوه ولم يبقَ لهم إلا أطلال تذكرهم بخيبتهم وضعفهم واستسلامهم لمغتصب ‏وصل لتمزيق ثيابهم بعدما فعل ما فعل، ومازالت تلك المجاميع متحلقةً حوله تنتظر أن يستر هو ‏ما مزق لهم، متأملةً أن يرقَّ قلب صاحب القرار، ساكن قم وطهران، صانع المؤامرات والحامي لها ‏بالمؤتمرات.‏

‏فيا لمهزلة هؤلاء المتباكين الباحثين عن الفرص تحت أي مسمى وبقيادة أي راعٍ. مثل هؤلاء كمثل ‏المذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فتارةً تراهم ينشدون وحدة العراق بمواويل فارغة تصدّع ‏الرؤوس ليبدو أنهم متشبثين بالوطنية حتى النخاع وذلك عندما تكون الامور طيبة مع ولي نعمتهم وتارة أخرى وعند فساد علاقاتهم مع ولي نعمتهم تراهم يلهثون وراء مصالحهم وهم متخفون بلباس ‏السنة والجماعة يبكون مكوناً تهمَّش حينما الجسد انتُهش!

المتأمل في أسماء الهياكل التي دَعَت أو دُعيَت إلى المؤتمرات الثلاث يجد أن جميعها وبلا ‏استثناء ممن شاركوا بالعملية السياسية الحالية، وممن دعم احتلال العراق وغزوه، سواء بشكلٍ مباشر أو ‏بشكلٍ غير مباشر، ولا تلتفت لمدعي المقاومة بينهم فما أسهلَ من ذرِّ الرماد في العيون، فغالبيتهم العظمى ‏ممن تبوأ مناصب خسيسة في البرلمان أو الحكومة أو مازالوا... 

وبعدُ... لا أدري عن أي (سنة) سيتحدثون؟!

وأهل السنة يتساءلون: ماذا فعلتم عندما كنتم، ولا زال بعضكم، على مقعد المسؤولية ممثلين للسنة، كما تزعمون؟!

وعمَن من ضحاياكم من السنة سنتحدث.. هل نتحدث عن المهجرين أو المهاجرين.. أم عن النازحين أو ‏الجائعين.. أم عن الذين تهدمت بيوتهم فوق رؤوسهم وهم صاغرون قهراً؟!

أم نتحدث عن الضعفاء من اليتامى أو عن الأرامل اللواتي لا يجدن لقمة تسد رمقهن وأطفالهن؟! أم عن من مُنعوا من دخول بغداد التي ستقام فيها مؤامراتكم في مؤتمراتكم، برعاية الغزاة؟! اسالوا مدخلي ( بزبيز والصقور) الشاهدين على مذلتهم وعلى اذلالهم!

يٌذكرني هؤلاء ومؤتمراتهم بشيخ وقور من أهالي الأنبار الكرام يدعى الحاج (شويش)، وكان ‏لدى الحاج شويش عنزتان، حُلَّت إحداهن من رباطها فقامت بأكل زرع جاره فشكاها الجار لدى الحاج، ‏فما كان من الحاج إلا أن انهال ضرباً على الثانية وهي ما زالت تحت قيد الرباط ولم تقترف ذنباً.. فسأله ‏جاره: ما ذنبها لتُضرب وهي بريئة؟!

أجابه الحاج: لأنها لو تمكنت من أن تتخلص من رباطها لكانت أسوأ من زميلتها.‏

وهذا ينطبق على ساسة سنة العملية السياسية ومؤتمراتهم الخائبة المخيبة للآمال العراقية، فهم سلالة ‏بعضها من بعض.. كلما أتت أمة لعنت أختها.. مؤتمر تلو مؤتمر.. ومن سيء لأسوأ ولذا من حق ‏العراقي ألا يتأمل فيهم خيراً ولا بمؤتمراتهم.. وهم برعاية راعٍ بلا رادع.. وحشٌ نهش أجساد أهليهم ‏فالتفوا حوله ليلتقطوا بقايا فتات طعامه بعدما توقف عن الأكل ولم يشبع بعد من دماء الشرفاء وظلم ‏الأحرار وهتك أعراض النساء..

هؤلاء المتآمرين المؤتمرين.. كتلك النسوة اللواتي قتلن زميلتهن ليحيين ‏بعارهنَّ... بينما لبس رعاتهم (مغتصبوهم) تاج مجدٍ مسروق على رؤوسهم التي لم يتجرأ على أن ‏يقطعها أحد بعد..

هؤلاء المؤتمرين شيَّعوا جثة السنة.. ودفنوا شرفها معها... ليحيوا هم بعارهم.

فالحق والحق نقول:‏

ألا تباً لمؤامراتهم في مؤتمراتهم.. وبئس المؤتمرين والمتآمرين.‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,288

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"