هيومن رايتس ووتش: العشرات أُعدموا وهم مقيّدون في الموصل، والأدلة تشير إلى إعدامهم على يد القوات الحكومية

الصورة: القبور التي تحوي جثثثاً مجهولة في ازدياد دائم بسبب جرائم الميليشيات الطائفية والسلطات الحكومية.

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها إنه تم العثور على 26 جثة على الأقل لرجال معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة العراقية في مدينة الموصل ونواحيها منذ بدء العملية العسكرية لاسترجاع المدينة في تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

 

وفي 15 من هذه الحالات، قالت قوات أمن محلية لصحفيين أجانب إن الرجال أعدموا خارج نطاق القضاء على يد قوات أمن حكومية كانت تحتجزهم بتهمة الانتماء إلى "الدولة الإسلامية" /"داعش". وفي باقي الحالات التي تحدثت عنها مصادر محلية ودولية، تثير مواقع الإعدامات المفترضة – وكلها في مناطق خاضعة للحكومة – مخاوف من أن تكون الحكومة هي المسؤولة عنها. كما قال صحفي أجنبي إن مسؤولا حكوميا قال لهم إن وحدة سُنية تابعة لـ "الحشد الشعبي"، وهي جزء من القوات الحكومية التي تقاتل من أجل استعادة مدينة الموصل، هي المسؤولة عن إعدام 25 رجلا كانوا محتجزين لديها وإلقاء جثتهم في نهر دجلة.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه "صار العثور على جثت لرجال مكبلين ومعصوبي الأعين متكررا في الموصل والمناطق القريبة منها وفي نهر دجلة، مما يثير القلق من وقوع إعدامات خارج نطاق القضاء على يد القوات الحكومية. غياب أي تحرك ظاهر للحكومة للتحقيق في عمليات القتل يقوّض بيانات الحكومة التي أكدت فيها احترام حقوق المحتجزين".

وأكدت المنظمة أن الإعدامات خارج نطاق القضاء خلال النزاعات المسلحة هي جرائم حرب، وإن كانت ممنهجة وتُنفّذ كسياسة فإنها تُعتبر جرائم ضد الإنسانية.

وتفحص القوات العراقية، بما في ذلك عناصر الحشد الشعبي، الرجال الفارين من الموصل وتحتجزهم  في مراكز اعتقال غير معروفة وغير رسمية أحيانا، حيث يتم قطع اتصالهم مع العالم الخارجي. لم تنشر السلطات أي معلومات حول عدد المعتقلين لديها، أو الخاضعين للتحقيقات أو الذين وُجهت لهم تهم. وبالنظر إلى الانتهاكات السابقة المرتكبة في حقّ معتقلي الحشد الشعبي وغيره من القوات العسكرية والأمنية، فإن هيومن رايتس ووتش تؤكد على المخاوف بشأن معاملة المعتقلين، بما في ذلك الإعدامات المحتملة.

وأوضح التقرير أن في 13 و15 أيار/ مايو 2017، قالت مجموعتان من عمال الإغاثة وصحفي أجنبي إنهم رأوا مجموعة من الجثث، عددها 15، على حافة الطريق بين قرية عذبة وبلدة حمام العليل، على بعد 15 كم جنوب غرب الموصل. المنطقة كلها تحت سيطرة القوات الحكومية العراقية. قالت إحدى المجموعتين إنها كانت قد مرت بالقرب من نفس المكان قبل يوم واحد ولم تكن الجثت هناك، مما يعني أن أصحابها قتلوا في 12 أو 13 أيار.

وأشار تقرير المنظمة إلى أن قوات محلية في أقرب نقطة تفتيش للصحفي قالت إنها رأت "قوات أمن" عراقية تأتي بالرجال إلى المنطقة وتطلق عليهم النار. في 15 أيار، لاحظ الصحفي وجود رصاصات فارغة في المنطقة، ووجد بطاقة هوية على إحدى الجثت وتأكد من أحد معارفه بجهاز الأمن الوطني، وهي مؤسسة أمنية تحت قيادة رئيس الوزراء، بأن الإسم موجود في قاعدة بيانات المطلوبين بالانتماء إلى داعش، وعددهم حوالي 90 ألفا.

وذكر أن هيومن رايتس ووتش تلقّت 7 صور لجثت في ذلك الموقع، وهي في أوضاع مختلفة، ملقاة وراكعة، كلها معصوبة الأعين ومكبلة الأيدي بأصفاد بلاستيكية أو قطع قماش.

وعرضت المنظمة هذه الصور على ستيفان شميت، من "برنامج الطب الشرعي الدولي" بمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، فقال إنه لا توجد علامات على كونها سُحبت أو جُلبت إلى ذلك الموقع، حيث لا توجد علامات سحب أو تغيّر في هيأة الملابس.

وقال شميت إن الوضع الذي وُجدت فيه جثتان على الأقل يبيّن أن أصحابها كانوا راكعين قبل إعدامهم، ثم وقعوا على وجوههم، مستنتجا أنه من المحتمل أن الضحايا أُعدموا في المكان الذي وجدوا فيه.

وذكر التقرير أنه في 20 نيسان/ أبريل 2017، قالت وكالة "رويترز" للأنباء إنه طوال الأشهر الأخيرة، رأى سكان القيارة الواقعة على بعد 60 كم جنوب الموصل والتي تسيطر عليها القوات الحكومية سيطرة تامة منذ آب/ أغسطس 2016، 6 جثت على الأقل تطفو على نهر دجلة معصوبة الأعين ومكبلة الأيدي. وفي 21 أيار، قال مقاتل محلي لـ هيومن رايتس ووتش إنه رأى جثة أخرى مقيّدة وتطفو على النهر من جهة الجسر القريب من القيارة. يسيل نهر دجلة نحو الجنوب، ما يوحي بأن الجثث ألقيت في النهر شمال القيارة، ولكن لا يُمكن أن تكون من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش نظرا لوجود سدود عديدة في النهر جنوب الموصل.

كما قال عنصر من اللواء 90 للحشد الشعبي لـ هيومن رايتس ووتش هاتفيا إن قواته كانت تحتجز معتقلين في حمامات بمنازل مهجورة في قرية السفينة التي تقع 20 كم شمال القيارة على ضفاف دجلة، وأضاف أن "لديهم تحقيقاً مع الرجال" المحتجزين. قال إنه لا يُسمح بالزيارة في مواقع الاحتجاز. في 21 أيار، قال صحفي أجنبي لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولا حكوميا أخبره بأن اللواء 90 كان يحتجز أشخاصا يُزعم أنهم ينتمون لداعش في نفس القرية. بحسب الصحفي، قال المسؤول أيضا إن اللواء 90 لديه محتجزين لمدة 4 أشهر على الأقل، وبأنه يعرف شخصيا 25 من المحتجزين الذين أعدمهم اللواء 90 وألقى جثتهم في النهر.

كما قال عمال إغاثة وصحفيون لـ هيومن رايتس ووتش إنه في عدة حالات أخرى، وجدت جثت مكبلة ومعصوبة الأعين وتحمل آثار الإعدام في مناطق تسيطر عليها الحكومة العراقية في الموصل وأنحائها.

في نهاية نيسان 2017، زار عامل إغاثة مشرحة مستشفى القيارة الذي كان قد أعاد فتح أبوابه قبل شهرين. عاينت هيومن رايتس ووتش صورة التقطها عامل الإغاثة داخل المشرحة لكومة من الجثت. كان أعلى الكومة رجل عليه آثار طلق ناري، وكان ملقى على صدره معصوب العينين ويداه مربوطتان بأصفاد بلاستيكية.

وزارت هيومن رايتس ووتش المستشفى في منتصف أيار، وقال طبيبان للباحثين إنهم تلقوا أوامر من وزيري الصحة والدفاع بعدم الرد على أية استفسارات حول المشرحة أو السماح بأي زيارات. لم يذكروا السبب. قالوا فقط إنه "خط أحمر".

في أواخر كانون الثاني/ يناير أطلع صحفي آخر هيومن رايتس ووتش على صور كان قد التقطها قبل يومين لجثتي رجلين مقيدين في حي سكني شرق الموصل الذي تسيطر عليه القوات الحكومية بشكل كلي. قال السكان إنهم لا يعرفون شيئا عن هويتي الرجلين أو ظروف موتهما. وفي أواخر كانون الثاني أيضا، قابلت هيومن رايتس ووتش أحد سكان حي كوكجلي، وهو ضاحية في شرق الموصل، أشار إلى المكان الذي عثر فيه على جثة رجل في الطين بالقرب من خندق. كان قد دفن الجثة بمساعدة جيرانه. قال إنه لا يعرف شيئا عن موت الرجل أو هويته.

كما وثقت تقارير إعلامية أمثلة مريعة لإعدامات خلال هذه العملية العسكرية.

وقالت فقيه "إذا أرادت السلطات العراقية أن يشعر المدنيون الذين عاشوا تحت حكم داعش لأزيد من سنتين بالأمن والحماية، فعليها التأكد من محاكمة المسؤولين عن قتل السجناء".

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,414,432

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"