الاستهداف بالعلامة "X".. تدمير #البيشمركة لقرى وبيوت العرب أثناء النزاع مع #داعش

منذ عام 2014 عندما بدأ تنظيم "الدولة المتطرف (المعروف أيضا بـ "داعش") – في شن هجمات على العراق، أدى القتال إلى تشريد أكثر من 3 ملايين عراقي من ديارهم، من بينهم 1.5 مليون من السنة العرب يعيشون الآن في إقليم كردستان العراق المتكون من محافظات دهوك وأغلب مناطق إربيل والسليمانية، وأجزاء صغيرة من نينوى وديالى. وتعتبر حكومة إقليم كردستان تقبلها لتوافد العرب السنة المشردين لديها كبادرة على "قبول استضافة أي فرد أو مجتمع متضرر من الحرب، بغض النظر عن العرق أو الدين".

 

العديد من العراقيين النازحين المقيمين حاليا في إقليم كردستان هم من خارج الأراضي الخاضعة لحكومة إقليم كردستان، من نينوى وكركوك، حيث قاتلت قوات حكومة إقليم كردستان العسكرية – المعروفة بمسمى "البيشمركة" – داعش لاستعادة السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي. سيطرت البيشمركة على بلدة سنجار في أواسط نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وممر يقع جنوب غرب مدينة كركوك في تشرين الأول/ أكتوبر 2015. هذه كلها مناطق تُعرف بأنها متنازع عليها: المناطق خارج إقليم كردستان التي يزعم مسؤولو حكومة إقليم كردستان أنها يجب أن تكون ضمن أراضي الإقليم. ومن قبل وصول داعش كانت تلك الأراضي تخضع إلى حد بعيد لسيطرة حكومة إقليم كردستان من حيث الممارسة.

في آذار/ مارس 2016 بدأت قوات حكومة إقليم كردستان، بالتعاون مع قوات حشدتها الحكومة العراقية في بغداد، في عمليات عسكرية هدفها دحر داعش من الموصل، ثاني أكبر مدن العراق. كانت عملية استعادة الموصل – معقل داعش الكبير الأخير المتبقي في العراق – قد أدت بالفعل إلى تدفق عشرات آلاف النازحين داخليا إلى مناطق تخضع لسيطرة حكومة إقليم كردستان.

ويتناول هذا التقرير سلوك قوات أمن حكومة إقليم كردستان في المناطق التي هزم فيها داعش، وهي جميعا من المناطق التي يُدعى أنها متنازع عليها. توصل التقرير إلى نسق من عمليات الهدم غير القانونية على ما يبدو لبنايات ومنازل، وفي بعض الحالات هدم لقرى كاملة، بين آب/ أغسطس 2014 وأيار/ مايو 2016، في 17 قرية وبلدة في كركوك، و4 أخرى في محافظة نينوى.

ووثق باحثو هيومن رايتس ووتش حالات هدم عديدة لبنايات ومنازل باستخدام النار ومعدات ثقيلة ومتفجرات إبان تقهقر قوات داعش وخضوع القرى لسيطرة البيشمركة. استندت البحوث إلى مقابلات مع أكثر من 120 شاهد عيان و3 من مسؤولي البيشمركة و7 مدنيين أكراد قالوا إنهم شاركوا في أعمال الهدم، وزيارات باحثي هيومن رايتس ووتش إلى 13 قرية وبلدة من بين المذكورة، وتحليل لصور القمر الصناعي الخاصة بـ 20 موقعا شهد تدميرا.

في 62 قرية أخرى لم يتمكن الباحثون من زيارتها، توفر صور القمر الصناعي أدلة على التدمير بعد أن استعادت قوات الأمن الكردية السيطرة على تلك القرى، لكن غياب شهادات الشهود يعني انتفاء القدرة على الوصول لنتائج مؤكدة حول أسباب الهدم والأطراف المسؤولة عنه في تلك القرى.

في 4 نيسان/ أبريل 2016، بعد رسالة بعثت بها هيومن رايتس ووتش في 7  آذار/ مارس تلخص فيها نتائج البحث وتقرير سابق صدر عن "العفو الدولية" حول انتهاكات مزعومة لحكومة إقليم كردستان، شكّلت حكومة إقليم كردستان لجنة للتحقيق في مزاعم التدمير غير القانوني للممتلكات وتقييد تنقلات النازحين داخليا في الأراضي الخاضعة لسيطرة حكومة إقليم كردستان. طبقا لمسؤولي حكوميين، فإن اللجنة المشكلة من مسؤولين من الرئاسة، ومن وزارتي الداخلية والبيشمركة، وكذلك إدارة "الأسايش"، قد نفذت بعثات تقصي حقائق.

وقد أرسلت حكومة إقليم كردستان في 30 حزيران/ يونيو 2016 إلى "هيومن رايتس ووتش" تقارير من التحقيقات الخاصة بمحافظات نينوى وإربيل وكركوك (وكذلك ديالى، التي لم تناقشها هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير). تتصدى تقارير حكومة إقليم كردستان هذه لبعض – وليس كل– المزاعم المذكورة في تقرير هيومن رايتس ووتش، وقد تم تضمين ردود حكومة إقليم كردستان في هذا التقرير.

وذكرت سلطات حكومة إقليم كردستان– فيما يخص هدم البنايات– أن قصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة لمواقع داعش، فضلا عن قذائف الهاون والمدفعية، قد أدى إلى الكثير من الدمار. كما ذكرت– وقال قادة من البيشمركة لـ هيومن رايتس ووتش– أن البيشمركة فجّروا أجهزة متفجرة بدائية الصُنع للتخلص منها، ما تسبب في مزيد من الدمار.

مزاعم حكومة إقليم كردستان الخاصة بالحاجة لتدمير منازل من أجل تفكيك أجهزة متفجرة بدائية الصنع في القرى التي تم انتزاعها من داعش، هي مزاعم لا تتمتع بمصداقية.

فعلى سبيل المثال، في قرى محافظة نينوى التي زارها باحثو هيومن رايتس ووتش، يبدو أن حكومة إقليم كردستان لم تدمر سوى منازل العرب وتركت منازل الأكراد قائمة. حيث رصد الباحثون أعمال هدم بنايات لعرب في البردية، وإلى جوارها بنايات كردية لم تُمس، ورصدوا كيف ظل الجزء الكردي من قرية حمد أغا قائما إلى جوار الجزء العربي المتهدم، وإلى جوار قرية شيخان توجد قرية عربية مهدمة.

كما أن قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان بمحافظة كركوك هدمت بنايات في قره تبه وإدريس الهندية القديمة وهي مناطق لم يسيطر عليها داعش، ومن ثم فمن غير المرجح أن تكون قد تعرضت لتدمير أثناء المعارك. وبخصوص قوشقاية – وهي قرية أخرى لم يسيطر عليها داعش مطلقا – قال مسؤولو البيشمركة في رد بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر/2016 إنهم لم يتمكنوا من منع "قطاع من السكان المحليين" من تدمير منازل في الحي العربي، يُزعم أن ملاكها قد انضموا إلى داعش. في إدريس خزعل وإدريس خباز، استخدمت قوات الأمن الكردية الجرافات لتدمير منازل، وهي ليست طريقة آمنة للتخلص من المتفجرات التي ربما زرعها داعش. كما تُظهر صور القمر الصناعي حرائق في عدد من القرى في نينوى، ولا تُعد بدورها وسيلة فعالة لتطهير الأراضي من الألغام.

كما أن حكومة إقليم كردستان لم تُظهر أية ضرورة عسكرية مُلحة لإزالة المتفجرات البدائية عن طريق تفجيرها وهدم البنايات المزروعة فيها. قال قادة للبيشمركة إنهم ليست لديهم خبرة في نزع المتفجرات والألغام، وأن المتفجرات البدائية أدت إلى العديد من الخسائر البشرية. إذا كان هذا ما حدث، كان الخيار الأسلم إذن هو إخلاء القرى الملوثة بالمتفجرات ثم تفكيكها فيما بعد، وليس تفجير المتفجرات عن بُعد، والذي فضلا عن تسببه في هدم بنايات، فهو يؤدي إلى تفرق متفجرات أخرى، ما يجعل المنطقة عموما غير آمنة ويعقد من جهود تطهير الأراضي من مخلفات الحرب المتفجرة.

هناك مسألة مقلقة أخرى هي ما يبدو أنها خطة حكومة إقليم كردستان بعدم السماح للعرب بالعودة إلى قراهم. قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود برزاني لـ هيومن رايتس ووتش في تموز/ يوليو 2016 إن حكومة إقليم كردستان لن تسمح للعرب السنة بالعودة إلى القرى التي "عُرّبت" من قبل الرئيس السابق صدام حسين. قال إنها– في رأيه– أراضٍ كردية. هذه المطالبات بالأرض تعطي مصداقية لاعتقاد الكثير من العرب بأن قوات أمن حكومة إقليم كردستان قد نفذت أعمال الهدم بهدف منع العرب من العودة إلى القرى أو دفعهم للعدول عن العودة.

من قوانين الحرب الأساسية مبدأ "التمييز"، الذي يعني ضرورة تمييز أطراف النزاع في كل الأوقات بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية. لا يمكن استهداف الأعيان المدنية بالهجمات إلا في حال استخدامها لأغراض عسكرية. على أطراف النزاع المسلح واجب تجنيب السكان المدنيين والأعيان المدنية آثار أعمال القتال وتقليص الضرر اللاحق بالأعيان المدنية. تحظر قوانين الحرب تدمير أو مصادرة الممتلكات ما لم تكن هناك ضرورة عسكرية حتمية. كما تحظر قوانين الحرب الهجمات العشوائية على المدنيين والأعيان المدنية، ومنها الهجمات التي تُعامل منطقة كاملة – كقرية مثلا – بصفتها هدفا عسكريا.

بناء على شهادات شهود وصور القمر الصناعي توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن قوات حكومة إقليم كردستان– والبيشمركة على الأخص– هدمت بنايات في 21 قرية وبلدة على الأقل، بعد استعادتها من داعش، في خرق بيّن لقوانين الحرب. يظهر من مجال وتوقيت الكثير من أعمال الهدم في الحالات التي يستعرضها التقرير أنه لا يمكن تفسير الأمر بصفته محاولة لتفكيك الأجهزة المتفجرة البدائية التي زرعها داعش أو جراء غارات جوية للتحالف وأعمال قصف مدفعي وأعمال أخرى أثناء سير المعارك.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى نحو 15 شخصا من سكان قره تبه قالوا إنهم شاهدوا في قريتهم – على مسافة 14 كيلومترا غربيّ مدينة كركوك – قوات مشتركة مشكلة من البيشمركة والأسايش وشرطة كركوك في 5 أيار 2016 تدمر 26 منزلا في القرية. قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن أغلب المنازل ملك لسكان قالوا إنهم انضموا إلى داعش في أواسط 2014. في ردّ مسؤولي حكومة إقليم كردستان بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر 2016 قالوا إن بعض منازل قره تبه قد هُدمت بسبب الأجهزة المتفجرة البدائية التي لم تتمكن قوات الأمن من تفكيكها. حدث التدمير بعد يوم من تفجير مخرّبين لآبار نفط قريبة، وقال مسؤولو الأمن إن الفاعلين هم أشخاص من قره تبه. تدمير هذه القرى لا يستجيب لاختبار الضرورة العسكرية القصوى.

قال نحو 15 شخصا من سكان قرى إدريس خزعل وإدريس خباز وإدريس الهندية القديمة، 20 كيلومترا غربيّ مدينة كركوك، إنهم رأوا عناصر البيشمركة والأسايش ومدنيين أكراد مسلحين يعملون تحت إشراف البيشمركة، ينهبون ثم يحرقون ويهدمون عشرات المنازل بالجرافات، خلال الأيام الأولى من شهر شباط/ فبراير 2015. قال من أجريت معهم مقابلات إنهم لم يروا عناصر داعش يزرعون أجهزة متفجرة بدائية أثناء احتلال داعش القصير – لنحو 36 ساعة – لإدريس خزعل وإدريس خباز، وأن داعش لم تسيطر على إدريس الهندية القديمة مطلقا أثناء عمليته في المنطقة في 30 كانون الثاني/ يناير 2015. تُظهر صور القمر الصناعي على مدار الأسبوع التالي أغلب أعمال الهدم في القرى الثلاث، وتبين وقوعها بحسب الصور نحو 5 شباط، بعد استعادة البيشمركة السيطرة على المنطقة.

في رد حكومة إقليم كردستان على هيومن رايتس ووتش في مارس/آذار 2016 كتبت أن في قرى إدريس الثلاث "لم تتمكن داعش من زرع أجهزة متفجرة بداية في تلك المنطقة بما أن قوات البيشمركة شنت على الفور هجوما مضادا لتحرير هذه المناطق". لكن في ردّ حزيران/ يونيو 2016، ذكرت حكومة إقليم كردستان أن "نطاق الدمار الكبير [في إدريس الهندية القديمة] كان سببه الدولة الإسلامية التي زرعت أجهزة متفجرة مرتجلة وتبادلت إطلاق النار مع قوات البيشمركة". بالنسبة لـ إدريس خزعل، ورد في ردّ حكومة إقليم كردستان في حزيران إن غارات التحالف والأجهزة المتفجرة المرتجلة "انفجرت حتما أثناء عملية التطهير" ما أدى إلى تدمير 3 أرباع العقارات الـ 84 التي تهدمت. وبالنسبة إلى إدريس خباز كانت أسباب التدمير "مماثلة لأسباب الدمار في إدريس خزعل".

في قرية المُرّة – وهي قرية دُمرت بالكامل – قال 3 من السكان إن قوات البيشمركة أجبرتهم في أواخر شباط/ فبراير أو مطلع آذار/ مارس 2015 على مغادرة القرية بدعوى اقتراب المعركة مع داعش. في تموز/ يوليو 2015 بعد أن عادوا وبعد هزيمة داعش في القرية، شاهدوا البيشمركة يهدمون البيوت.

ورد في ردّ حكومة إقليم كردستان في أيلول/ سبتمبر 2016 إن المرة وقرية الشاهد القريبة منها كانتا على مسافة نحو 3 كيلومترات من جبهة البيشمركة "ولا تعد منطقة خاضعة لسلطة قوات البيشمركة". في مراسلة منفصلة في أيلول 2016 قال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إن تهدم البيوت في القريتين كان "متصلا بشكل مباشر بحقيقة أن هذه الممتلكات تخص أفرادا انضموا إلى إرهابيي الدولة الإسلامية وهذه البيوت كان الإرهابيون يستخدمونها بهدف تعزيز تواجدهم في هذه القرى".

قال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن قرية المرة خضعت لسيطرة البيشمركة منذ آذار 2015 وإن بعض البيوت كانت قد تضررت لكن لم يُهدم أي منها. تُظهر صور القمر الصناعي أن التدمير الكامل للمرة وقع بين 20 أيار و12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وتتفق آثار التدمير مع استخدام متفجرات ومعدات ثقيلة. من واقع شهادات السكان يبدو أن أعمال الهدم وقعت بعد معركة صغيرة على قرية المرة دامت ساعات قليلة في مطلع تموز 2015، استعادت البيشمركة بموجبها السيطرة.

قال نحو 15 شاهدا في محافظة نينوى إن قوات البيشمركة والأسايش وبعض السكان قد هدموا بيوتا في شيخان وحمد أغا وبردية وبرزان، وهي جميعا قرى في ناحية زمار. استعادت البيشمركة السيطرة على هذه المناطق من داعش في أواخر آب/ أغسطس 2014.

قال لـ هيومن رايتس ووتش 5 مزارعين أكراد من قرية كاني أزير (أويس)، على مسافة كيلومترين غربيّ شيخان، إن داعش دمر بعض البنايات في شيخان أثناء تواجده هناك طيلة 3 أسابيع في آب 2014. لكنهم أضافوا أنهم هم أنفسهم – بالإضافة إلى مزارعين أكراد آخرين وقوات البيشمركة – قد شاركوا في إحراق وهدم منازل القرية بعد استعادة السيطرة عليها. قال رجل شرطة كردي من قرية حمد أغا القريبة لـ هيومن رايتس ووتش إنه انضم إلى البيشمركة ومدنيين أكراد وأيزيديين في هدم شيخان. زارت هيومن رايتس ووتش شيخان في 3 آب 2015 ووجدتها تكاد تخلو من أية بناية قائمة، باستثناء مسجد أخضر اللون، ظل سليما.

زار باحثو هيومن رايتس ووتش حمد أغا، وبها حي كردي وحي عربي، في 3 آب 2015، ووجدوا الحي الكردي وحده سليما. قال رجل الشرطة الكردي في القرية لـ هيومن رايتس ووتش إنه شارك قوات البيشمركة في هدم الحي العربي في حمد أغا.

قال صاحب متجر كردي في قرية البردية – 7 كيلومترات جنوب شرقيّ عويس – لـ هيومن رايتس ووتش إنه ذهب كمتطوع ومعه مدنيون وعناصر من البيشمركة والأسايش، ودمروا بيوتا لأهل القرية العرب "لأنهم دواعش". قابلت هيومن رايتس ووتش مجموعة من 15 شخصا نازحا من قرية قريبة على تخوم قرية البردية. قال بعضهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم رأوا البيشمركة والمدنيين الأكراد يدمرون منازل في البردية. وافقهم الآخرون. قالوا إن المدنيين الأكراد أخبروهم بأنهم كان لهم بيوت في البردية قبل انتقال العرب إليها ضمن حملة التعريب التي نظمها الرئيس السابق للعراق صدام حسين.

تُظهر صور القمر الصناعي شيخان وحمد أغا وأجزاء من البردية وبرزان وقد تم تسويتها بالأرض، ما يشير إلى أن الدمار وقع بعد أواخر آب أو في مطلع أيلول 2014، بعد سيطرة البيشمركة على المنطقة وإخراج داعش منها. استمر الهدم والتدمير من أيلول حتى عام 2015.

ذكرت حكومة إقليم كردستان في ردها على هيومن رايتس ووتش إن 85 عقارا في شيخان و120 منزلا في الجزء العربي من حمد أغا قد دُمرت في تبادل إطلاق نيران المدفعية والهاون، بالإضافة إلى 523 بيتا في برزان "ومنها البيوت التي تضررت من متفجرات داعش البدائية". قالت حكومة إقليم كردستان إن "جماعات غفيرة من الإيزيديين" أحرقت البيوت هناك، رغم جهود البيشمركة لمنعهم، انتقاما من أشخاص في برزان يُزعم أنهم شاركوا في ارتكاب فظائع بحق الإيزيديين. قالت حكومة إقليم كردستان إن السبب في استهداف برزان تحديدا كان أنها "كانت قاعدة داعمة لداعش بمنطقة سنجار، وأيضا بؤرة تجنيد لمقاتلي داعش وقادتها".

تُظهر صور القمر الصناعي أن أكثر من نصف الدمار اللاحق بـ شيخان وقع بين تشرين الثاني 2014 آذار 2015، مع تدمير 30 بناية إضافية بعد ذلك، وربع الدمار على الأقل في برزان وقع بعد 5 تشرين الثاني، بعد سيطرة البيشمركة بكثير على القريتين. تشير مصادر عمومية إلى أنه لم تقع هجمات من داعش على شيخان أو برزان بعد أواخر آب 2014.

كون أحياء الأكراد في كل من البردية وعويس وشيخان وحمد أغا لم تُمس مع تدمير المناطق العربية القريبة منها، فهذا يقوض زعم حكومة إقليم كردستان بأن داعش أو ما ترك وراءه من ألغام ومفخخات هو المسؤول عن الدمار واسع النطاق بهذه المواقع. بالمثل، كون أغلب الدمار المشهود في صور القمر الصناعي وقع بعد سيطرة البيشمركة على هذه القرى، فهذا يقوض الزعم بأن الغارات الجوية أو القصف المدفعي هو السبب الرئيسي للدمار (إضافة إلى أن تحليل صور القمر الصناعي يشير إلى استخدام النار والمعدات الثقيلة ومتفجرات شديدة الانفجار). كما أنه وبناء على المعلومات التي قدمتها حكومة إقليم كردستان إلى الآن، فليس من الممكن استنتاج أن تدمير البيوت المفخخة بالمتفجرات قد وقع بسبب الضرورة العسكرية الحتمية.

في القرار رقم 3 بتاريخ 17 آذار 2016، المرفق بهذا التقرير، أمر رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني، فيما يخص "جميع المواقف المحتملة... بحماية البلدات والقرى المحررة على يد قوات البيشمركة". بدأت بعثة تقصي حقائق حكومة إقليم كردستان في نيسان/ أبريل 2016، وانعكست في رد حكومة إقليم كردستان على هيومن رايتس ووتش بتاريخ 30 حزيران، ويبدو أن هذا التقصي كان أول تحقيق ميداني تجريه حكومة الإقليم في انتهاكات محتملة لقوانين الحرب ربما ارتكبتها القوات الكردية. لكن لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية تحقيقات جنائية أو ملاحقات قضائية بدأت بها سلطات حكومة إقليم كردستان فيما يخص الانتهاكات المزعومة، ومنها التدمير غير القانوني لأعيان مدنية.

تقوم حكومات عدة دول في التحالف الدولي ضد داعش – ومنها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وكندا وروسيا وإيران ودول وسط وجنوب أوروبا – بدعم حكومة إقليم كردستان بالعتاد العسكري والتدريب. نفذت بعض هذه الدول عمليات عسكرية مشتركة مع قوات حكومة إقليم كردستان. لم يتحدث علنا أي مسؤول من هذه الدول عن حاجة حكومة إقليم كردستان إلى إنهاء أعمال الهدم غير القانوني الذي يخالف قوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مع محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. للولايات المتحدة قوات خاصة تقدم المشورة للبيشمركة على جبهات القتال، وقد دربت أكثر من 1000 عنصر من البيشمركة. في أبريل/نيسان 2016 قال وزير الدفاع أشتون كارتر إن الولايات المتحدة ستقدم 415 مليون دولار مساعدات مالية لوحدات مختارة من البيشمركة. منذ شباط 2015 تدير ألمانيا مركز تدريب دولي لقوات البيشمركة في إربيل. بعد تقارير وردت في كانون الثاني/ يناير 2016 بأن البنادق الآلية التي قدمتها ألمانيا للبيشمركة قد ظهرت في السوق السوداء، وتقرير في الشهر نفسه أصدرته "العفو الدولية" يوثق مسؤولية قوات كردية عن تدمير منازل وتقييد تنقلات العرب السنة، قالت حكومة إقليم كردستان للحكومة الألمانية إنها ستحقق في هذه الادعاءات.

سؤال ماذا سيحدث إذا نجح التحالف بقيادة الولايات المتحدة والحكومة العراقية وقوات حكومة إقليم كردستان في حملة طرد داعش من الموصل، هو سؤال هام ومُلح. فانتهاكات قوات أمن حكومة إقليم كردستان للقانون الدولي الذي يحظر تدمير الممتلكات بشكل غير قانوني هي وصفة جاهزة لاستمرار حالة التناحر والنزاع حتى بعد دحر داعش وانسحابه من كل الأراضي العراقية.

قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني إن لديه خططا لعقد استفتاء لاستقلال الأكراد عن العراق في عام 2016، ولا يخفي المسؤولون الأكراد أنهم يعتبرون أغلب المنطقة التي تم استعادتها من داعش وتقع خارج أراضي الإقليم هي أراضٍ كردية تاريخيا يجب أن تكون جزءا من الإقليم أو من الدولة الكردية المستقلة في نهاية المطاف. هذه الأهداف السياسية لا تبرر الهدم المخالف للقانون للبيوت، ولا تبرر منع الأفراد من العودة إلى بيوتهم.

تدعو هيومن رايتس ووتش حكومة إقليم كردستان إلى التحقيق في ادعاءات انتهاكات قوانين الحرب التي يستعرضها التقرير تفصيلا وأن تحاسب المنتهكين. ربما تكون بعثات تقصي حقائق حكومة إقليم كردستان هي الخطوة الأولى نحو المحاسبة، لكن هناك عدة وقائع ومزاعم لم يتم التصدي لها بعد أو معالجتها، وهناك وقائع أخرى لا تماثل فيها نتائج حكومة إقليم كردستان ما توصلت إليه هيومن رايتس ووتش من نتائج.

كما تدعو هيومن رايتس ووتش كل من الولايات المتحدة وألمانيا والدول الأخرى التي تقدم مساعدات عسكرية لحكومة إقليم كردستان للتحقيق فورا في هذه الادعاءات، وأن تحقق في دور مساعداتها العسكرية في وقوع الانتهاكات المزعومة. على "مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة" أن يوسع مجال ولاية التحقيق الخاصة بمكتب "المفوض السامي لحقوق الإنسان" بشأن انتهاكات داعش، بحيث يضم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها مختلف الأطراف، ومنها قوات أمن كردستان. كما يتعين على المجلس تعيين مقرر خاص بالعراق لمراقبة وتقديم التقارير عن حالة حقوق الإنسان هناك، وليوصي بتدابير لضمان المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان وقوانين الحرب.

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,484,916

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"