#تركيا و #السعودية و #أميركا في عهد #ترمب

محمد زاهد غُل

عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق التركي السعودي يومي 7-8 شباط/ فبراير 2017 في أنقرة، بين وفدي البلدين اللذين رأسهما السيد مولود تشاووش أوغلو وزير خارجية الجمهورية التركية والسيد عادل بن أحمد الجبير وزير خارجية المملكة العربية السعودية، وهذا المجلس انبثق بموجب "وثيقة تفاهم حول تأسيس مجلس التنسيق التركي السعودي" التي وقعت خلال زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتركيا في الفترة ما بين 11-14 نيسان/ أبريل 2016، والذي كان امتدادا لاتفاق التعاون الاستراتيجي الذي وقع في الرياض بين الرئيسين التركي والسعودي في نهاية عام 2015.

وقد شهد عامي 2015 و2016 عشرات اللقاءات التركية والسعودية والخليجية، منها خمس قمم تركية سعودية، ولقاءات أخرى مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، والوزراء السعوديين مع نظرائهم الأتراك، ولا شك أن هذا الاجتماع الأول لمجلس التنسيق التركي السعودي له أهمية كبرى، وبالأخص انه يأتي قبل أربعة أيام من زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى الرياض لعقد قمة جديدة مع العاهل السعودي أولاً، وقبل اللقاءات الثانية بين تركيا والسعودية منفردتين مع الإدارة الأميركية الجديدة.

 

لقد كان الاجتماع الأول لمجلس التنسيق أمام تحديات أمنية خطيرة على مستوى الأوضاع الأمنية للبلدين والأوضاع الأمنية للمنطقة كلها، وبالأخص في سوريا، الجرح العربي والاسلامي النازف منذ ستة سنوات تقريباً، يمكن القول بان إدارة أوباما قد ساهمت باستمرار هذا النزف لتوافقه مع رؤيتها الاستراتيجية لتقسيم المنطقة، ولذلك فإن وجود إدارة أميركية جديدة يتطلب مشاورات تركية سعودية لبدء مرحلة جديدة في التعامل مع الأزمة السورية، وبالخص أن الرئيس ترمب بدأ بتهديد إيران بانها لن تجد لطف اوباما لديه، وانه يسعى لوضع حد لتهديدات إيران في المنطقة. 

رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء التركي يلدرم رحبوا بنتائج الاجتماع الأول لمجلس التنسيق التركي السعودي، لأنه حدد المواقف بوضوح، ووضعها في إطار مؤسساتي، حيث أعلن وزير الخارجية السعودي في انقرة على العلن بأن حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب الكردي منظمات إرهابية، وهذه مواقف إيجابية ومؤثرة في مسامع الأتراك وهم ينوون حوار الادارة الأميركية الجديدة بأخطاء الادارة السابقة في الشأن السوري، وبالأخص فيما أعطته إدارة أوباما لإيران من امتيازات في العراق وسوريا واليمن والخليج والمنطقة على حساب الدول العربية، وبما أن ترمب يريد تغيير سياسة أميركا مع إيران، فإن ذلك مؤشر حسن لتحجيم إيران بحجمها الطبيعي وداخل حدودها الجغرافية، فإذا كان الرئيس ترمب جاداً في مواجهة التمدد الإيراني في البلاد العربية وإعادتها إلى حجمها الطبيعي داخل حدودها فإن من مصلحة تركيا والسعودية التعاون مع أميركا في هذا الاتجاه، ولذلك جاء الجبير إلى انقرة وفي اول اجتماع تنسيق مع الأتراك ليؤكد ان المنظمات التي ترعاها إيران في العراق وسوريا من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وامثالهم من المليشيات الطائفية هي منظمات إرهابية، ينبغي مواجهاتها من المجتمع الدولي مثلما تواجه الحركات الارهابية الأخرى مثل داعش وحزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب. 

لذلك فإن الاجتماع التنسيقي الأول يمكن اعتباره ناجحا من الدرجة الأولى بتركيزه على القضايا الأمنية قبل غيرها، فمواجهة التهديدات الايرانية لا بد أن تكون في مقدمة مجالات التعاون التركي السعودي، وتركيا اليوم مقتنعة بان إيران عقبة في الحل السياسي في سوريا، ولذلك حاولت جعل إيران خارج اتفاقاتها مع روسيا بشأن سوريا قبل انعقاد أستانة، ولكن الرؤية الروسية ترى ضرورة التزام إيران باتفاق وقف اطلاق النار وتنفيذ الهدنة من خلال ميليشياتها في سوريا، وأن إبعاد إيران قد يصعب هذه المهمة، كما ان تركيا بحاجة إلى إقناع الدول العربية وبالأخص السعودية والأردن بمجريات مؤتمر أستانا ودعمه، وهو ما اكد عليه السيد الجبير بدعم مؤتمر أستانا بوصفه خطوة ضرورية لوقف اطلاق النار واستمراره كمرحلة اولية للدخول في الحل السياسي لمستقبل سوريا. 

والأمر المهم جدا في لقاء أنقرة للمجلس التنسيقي ما أعرب عنه السيد الجبير باستعداد بلاده تقديم مشاركة عسكرية للقوات الخاصة السعودية في أعمال مكافحة الارهاب في العمليات التي تقوم بها تركيا شمال سوريا، سواء لتحرير الباب أو الرقة، كقوة تركية وعربية بديلة عن قوات سوريا الديمقراطية التي تراهن عليها أميركا لعمليات تحرير الرقة، فقضية معالجة الارهاب شمال سوريا هي قضية سورية يتولاها الجيش السوري الحر، وهو يجد الان مشاركة تركية عسكرية ساعدته على استرداد العديد من المدن السورية من أيدي داعش، وحال دون وقوعها بأيدي الأحزاب الارهابية الأخرى مثل حزب العمال الكردستاني أو ميليشيات قوات حماية الشعب، فالمشاركة السعودية العسكرية ولو كانت رمزية فإنها ستوفر دعما سياسيا كبيرا للقضية السورية، وبالأخص عند بدأ التفاهم حولها مع إدارة ترمب في الأيام القادمة.

 

 نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,581

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"