مركز جنيف الدولي للعدالة: المدنيين في #الموصل بين نارين!

طالب مركز جنيف الدولي للعدالة الأمم المتحدة بإرسال بعثة تحقيق دولية الى العراق والعمل على إحالة مرتكبي الانتهاكات الى المحكمة الجنائية الدولية وبمنع الميليشيات من المشاركة في العمليات العسكرية كخطوة أولى باتجاه حلّها نهائياً لما ترتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحقّ المدنيين العزّل.

جاء ذلك في بيان صدر في جنيف اليوم الجمعة، وجاء فيه:

 

في الحادي عشر من نوفمبر 2016، أصدر مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، السيد زيد بن رعد الحسين، بياناً حول الوضع المتدهور للشعب العراقي منذ بداية العمليات العسكرية في الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016.

وفي بيانه، أعرب السيد المفوض السامي عن مخاوفه العميقة إزاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرّض لها المدنيين، وطلب باتخاذ إجراءات فورية من أجل وضع حدّ لهذا العنف. وشدّد خاصة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان العدالة وتحقيق المصالحة لشعب العراق. ووفقا للمفوض السامي، فان ذلك يمكن أن يتحقّق "بإحالة الوضع في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ و منح المحاكم العراقية الاختصاص بالجرائم الدولية؛ و إصلاح نظام العدالة الجنائية وتعزيز قدرات الموظفين القضائيين في التوثيق والتحقيق، ومقاضاة مرتكبي الانتهاكات، وانّه، بذلك، يمكن للحكومة العراقية ضمان العدالة وتأمين الأسس لسلام دائم للبلاد ". واختتم تصريحه مؤكدا أن "عدم القيام بذلك قد يعرّض للخطر جدّيا على السلام والأمن الذي يستحقّه شعب العراق على المدى الطويل ".

ويودّ مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) أن ينضّم الى دعوة المفوض السامي بإحالة الوضع في العراق الى المحكمة الجنائيّة الدوليّة. فقد سبق للمركز، وفي عدة مناسبات، أن دعا الى ضرورة مثول مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية في العراق أمام المحكمة الجنائيّة الدولية. كما سبق للمركز ان اكدّ، مراراً وتكراراً، للسيد المفوض السامي والهيئات الدوليّة الأخرى الفساد التام للنظام القضائي العراقي، شاجباً عدم التزامه بالمعايير الدولية وسيادة القانون، ويزيد في ذلك، التدخلاّت المتكرّرة من الحكومة، ويعتقد أن الاعتماد على أي من المحاكم الوطنية أو غيرها من المؤسسات في العراق لتنفيذ إجراءات قانونية فعالة هو مضيعةٌ للوقت. ولذلك فأن السبيل الوحيد لضمان المساءلة وتحقيق العدالة هو بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.

 

الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الموصل

قبل أحد عشر يوماً من إطلاق العمليات في الموصل، وبالتحديد في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وجّه مركز جنيف الدولي للعالة نداءً عاجلاً إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وفي هذا النداء حذّر المركز من العواقب الوخيمة التي ستترتب على العمليات العسكرية في مدينة الموصل. وبيّن ان النتائج الكارثيّة ستطال أكثر من 1.5 مليون مدني يقطنون المدينة وبالتالي دعا إلى احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وأكد المركز على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية وممرات آمنة للمدنيين. وبالنظر إلى الدمار والمعاناة الكبيرة التي تسبّبها هذه الحملات العسكرية تحت ذريعة محاربة الإرهاب فقد حثّ المركز المجتمع الدولي على ضرورة اعتماد نهج جديد في مكافحة الإرهاب.

وبعد فترة ليست بالطويلة على هذا النداء، وبالتحديد في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 انطلقت ما تسمّى بمعركة " تحرير" الموصل، وعلى الفور تلقى المركز وثائق تثبت حصول سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين من قبل جميع الأطراف.

إن جرائم "داعش" لا تحتاج الى تفصيل فهي معروفة للجميع، والمعاناة الشديدة التي يعاني منها سكان الموصل على مدى سنتين خلال سيطرة هذه المجموعة الإرهابيّة لا يمكن وصفها. ومع ذلك، فإن محنة المدنيين أصبحت اسوء بكثير منذ بدء الهجوم. فقد وقعوا ضحيّة الانتهاكات الجسمية، والمعاملة الوحشية من قبل وحداتٍ تابعة للقوات العراقية النظامية والميليشيات التابعة لها، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الميلشيات الطائفيّة المسمّاة بــ "الحشد الشعبي". وهكذا اضحى المدنيون بين ناري "داعش" وهذه المجموعات الميليشياوية الإجراميّة، التي تدّعي انها ذاهبة هناك لمساعدة السكان وحمايتهم.

لقد استطاعت الميليشيات الوصول الى الموصل على الرغم من وعود رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بأنها لن تشارك في العمليات العسكرية، إلّا ان التقارير الموثّقة التي يتسلّمها مركز جنيف الدولي للعدالة من ساحة العمليّات قد كشفت العكس. فقد ثبُت أن الميليشيات موجودة هناك، وأنها ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الموصل والمناطق المحيطة بها مرتديةً زيّ الشرطة الإتحادية. لقد سبق لمركز جنيف ان اعلم الأمم المتحدّة وجهات دولية كثيرة أخرى ان الميليشيات تستخدم الزي الرسمي للشرطة الاتحادية العراقية لدخول الأماكن التي تُمنع من الدخول اليها، وبالتالي فان معظم وحدات الشرطة الإتحادية حالياً تضم فصائل ميليشياوية وبالتحديد من منظمتي بدر وعصائب اهل الحقّ وبعلم القائد العام للقوات المسلّحة والقادة العسكريين في الميدان.

ان هذه الميليشيات متهمّة بارتكاب الجرائم البشعة على أساس طائفي بحت في جميع أنحاء العراق. لقد وثق مركز جنيف لدى الأمم المتحدّة مجموعة واسعة من الجرائم التي ترتكبها هذه المجموعات، وخاصة ضد المكون السني في العراق وقد تعاظم ذلك منذ تأسيس "الحشد الشعبي".

إن للحشد الشعبي سجل طويل من الانتهاكات، معظمهما يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتصل الى الإبادة الجماعية حالات معينة. وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة الى ما حصل في جرف الصخر ، الدور ، الفلوجة ، تكريت ، آمرلي، والرمادي تحت مزاعم "تحرير" هذه المدن من تنظيم داعش. لقد كانت حقيقة هذا "التحرير"، كما وثقته تقارير المركز، أن الميليشيات قد نهبت، وأحرقت وفي النهاية قد دمرّت المباني الخاصة والعامة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والبنى التحتية في استراتيجية واضحة لإحداث تهجيرٍ قسري ومنع عودة المدنيين إلى منازل ثانيةً.

ومن المفارقات، ان يتم دعم هذه الأعمال من قبل الحكومة العراقية وبالتالي منح الجناة الحصانة من العقاب من جانب نظام قضائي مسيّس. إن الوضع داخل أجهزة الدولة والقضائية منها بصورة خاصّة ادّى الى انعدام تام للمعايير والقواعد التي يُفترض انها تحكم مسارات العدالة في أي بلد. لقد ادّى فساد النظام القانوني، وتسييسه، الى استحالة اتخاذ أيّ إجراءات وطنية لتحقيق العدالة. ففي ظل هذه الظروف، فإنه من غير المعقول الاعتماد على أي محكمة وطنية للتحقيق في الجرائم. ومن هنا، فان المحكمة الجنائية الدولية هي المرجع الوحيد لتقديم الجناة إلى العدالة. ومع ذلك، لا يمكن أن يتوقع انضمام العراق إلى نظام روما الأساسي في المستقبل القريب، ولهذا السبب، يعتقد مركز جنيف الدولي للعدالة أنه يتوجب على المفوض السامي اتخاذ كل ما هو ممكن في ولايته لإيفاد لجنة دولية مستقلة إلى العراق للتحقيق في جميع الانتهاكات التي تُرتكب ضد السكان.

 

التوصيات

وبما أن المعركة في الموصل تزداد وحشيةً، وانه يجري انتهاكٌ مستمر لحقوق الإنسان الأساسية للمدنيين من قبل جميع أطراف النزاع للأسبوع الرابع على التوالي، فان مركز جنيف الدولي للعدالة يدعو المجتمع الدولي وخاصة جميع هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة الى:

• الضغط على جميع أطراف النزاع للإمتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛

• ضمان المساعدة الإنسانية اللازمة للمواطنين في الموصل، وإلى أولئك الذين تمكنّوا من الفرار إلى مخيمات في المناطق المجاورة.

• الضغط على السلطات العراقية من أجل منع مشاركة الميليشيات في جميع العمليات العسكرية كخطوة أولى لحظرها تماماً.

• إيفاد بعثة مستقلّة للتحقيق في جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل أطراف النزاع في العراق، بما في ذلك الميليشيات الموالية للحكومة.

• إحالة الوضع في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية؛

• اعتماد نهج شامل في مجال مكافحة الإرهاب مع الأخذ بعين الاعتبار دور الميليشيات على الأرض.

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,146

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"