التقرير السنوي لهيئة علماء المسلمين عن حالة #حقوق_الإنسان في #العراق/ 3 الأخيرة

ملاحظة من هيئة تحرير وجهات نظر

تنشر وجهات نظر على مدى الأيام المقبلة النص الكامل للتقرير السنوي الذي أعدَّه قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق، للفترة من 9-4-2015 ولغاية 8-4-2016 لما يتضمنه من معلومات تفصيلية دقيقة، لا غنى عنها لكل باحث وراصد لحالة حقوق الإنسان في العراق.

مع الإشارة إلى أن قسم حقوق الإنسان في الهيئة باشر بتوثيق كل الانتهاكات التي تمكن من رصدها اعتباراً منذ اليوم الأول للاحتلال الأميركي المجرم في 9 نيسان/ أبريل 2003، حيث تضمنت تقاريره السنوية عرضاً مفصلاً لكل تلك الجرائم والانتهاكات.

 

 

التقرير السنوي لقسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين

حالة حقوق الإنسان في العراق/ 3

9/4/2015 - 8/4/2016

 

الوضع الصحي والبيئي

أبرز مظاهر التلوث البيئة في العراق المستمرة من سنوات، هي المضاعفات الصحية للتلوث الإشعاعي نتيجة استعمال اليورانيوم المنضب في الغزو الاميركي، وبما يعادل مائتين وخمسين قنبلة ذرية، فقد ترك هذا آثاراً مأساوية على صحة المدنيين العراقيين بشكل عام، وزيادة في السرطانات والتشوهات الخلقية لدى المواليد بشكل خاص. ولا يقتصر الأمر على اليورانيوم المنضب فحسب، بل إن أنواعاً عديدة من الملوثات الأخرى قد استخدمت في الغزو، وكان لها أثر بالغ على البيئة والصحة لأهالي كثير من المناطق.

فضلا عن تدني الخدمات الطبية، وانعدامها في مناطق عديدة وانتشار الأوبئة والأمراض جراء الإهمال الحكومي، وعدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج المرضى.

ونبهت الهيئة في بيان لها إلى إن الوضع الصحي في العراق بات خطيراً ويهدد حياة الملايين من البشر، وتحدثت في بيانها المرقم (1116) المتعلق بعجز حكومة الفساد عن إيقاف تفشي وباء الكوليرا في العراق وسعيها للتستر عليه، قائلة: ((لا تريد الحكومة الحالية أن تتحمّل عبء تطويق المرض وحصره في مناطق الانتشار، ولا تتخذ السبل الكفيلة التي تحول دون أن يتطوّر أمر الوباء إلى مراحل يذهب فيه آلاف الضحايا أو أكثر وصولاً إلى مراحل خروج الوباء عن سيطرة الجهات المختصة. وأثبتت الوقائع أن الحكومة عاجزة عن معالجة كارثة مرض يهلك في أول مراحله المئات من أبناء الشعب العراقي)).

وأكدت (مارجريت شان) المدير العام لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في تقريرها السنوي أمام الاجتماع المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، والمخصص لإطلاق خطة الاستجابة الإنسانية الجديدة في العراق؛ إن الوضع الصحي في العراق سيئ ويزداد سوءا، مضيفة أن ما يقارب من 8.5 مليون شخص في العراق بحاجة ملحة لرعاية صحية[1].

وأضافت أنه ((في أربعة من مناطق العراق الأكثر تضرراً فإن (14) مستشفى، وأكثر من (160) من المرافق الصحية تضررت أو دمرت بسبب القصف الحكومي عليها في المناطق التي تشهد نزاعا مسلحا، بينما في بعض المناطق فر أكثر من (45%) من جميع العاملين بالقطاع الصحي خوفا على حياتهم)). وشددت على أن ((القانون الإنساني الدولي يدعو إلى حماية جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات، وكذلك احترام سيارات الإسعاف من قبل جميع الأطراف)).

وأشارت إلى أن ((الخدمات العامة في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي في المناطق العراقية المتضررة تنهار، وأن المناطق المكدسة وفي ظروف غير صحية تجلب مخاطر عالية للأمراض المعدية، وخاصة بالنسبة للملايين الذين نزحوا داخلياً، ويزيد من ذلك الخطر حرارة الصيف الشديدة في العراق))[2].

وتتحدث تقارير المنظمات الدولية والصليب الأحمر عن مقتل آلاف من الأطباء والعاملين في المجال الصحي؛ الأمر الذي ولّد فراغاً كبيراً يصعب شغله.

وفي تقرير لقسمنا عن مدينة الفلوجة بعنوان (الفلوجة حصار وموت) بتاريخ 10/4/2016، تم رصد الانهيار شبه التام للقطاع الصحي في المدينة والمناطق القربة منها؛ حيث استهدف المستشفى العام وسط الفلوجة بالقصف (41) مرة، سبعة منها كانت بالبراميل المتفجرة، مما أدى إلى الإضرار بـ(60%) من أقسام المستشفى.واستهدف القصف مستشفى النسائية والأطف ال، الذي يقع في القسم الغربي لمدينة الفلوجة بالقرب من نهر الفرات؛ (4) مرات، كانت جميعها استهدافا بصواريخ الطائرات. ومن ثم استهداف (5) مراكز صحية في عموم المدينة، وإيقاع أضرار فيها بين متوسط وكبير.

وأكدت منظمات حقوقية دولية عديدة أن مدينة الفلوجة مدينة منكوبة بما تعنيه الكلمة؛ لنقص الأدوية وتفشي الأمراض ونقص الغذاء، والحصار الخانق من قبل الحكومة الحالية[3] .

وقال عضو لجنة الصحة والبيئة النائب (صالح الحسناوي) في حديث متلفز بتاريخ 14 كانون2/يناير 2015: ((إن الوضع الصحي في البلاد يعاني تراجعاً ملحوظاً في الخدمات المقدمة للمرضى، فيما تشكو أغلب المؤسسات من قلة الكوادر والأجهزة الطبية))[4].

وجاءت الأمراض المعدية والأوبئة وتفشيها في أنحاء العراق، لتكتمل دائرة الموت المحكمة، التي تحيط بالعراقيين من كل مكان.. أمراض وأوبئة خطيرة استفحلت لتفتك بصحة المواطن العراقي، إثر انعدام الخدمات والإهمال الحكومي المتعمد، بحياة المواطن الذي لا قيمة له عند الحكومة الحالية والساسة الحاليين، ففي محافظة البصرة، اعترف نقيب المعلمين الحالي في المحافظة (جواد كاظم المريوش): بأن بعض المدارس الواقعة في قضاء أبي الخصيب سجلت اكثر من (45) إصابة لعدد من التلاميذ بمرض جلدي، مبينا أن أُولى حالات الإصابة بالمرض تم تسجيلها قبل أكثر من شهر ونصف في مدرسة تونس الابتدائية في منطقة طلاع الحمزة، ثم ظهرت حالات أخرى في أربع مدارس تقع في منطقة مهيجران[5].

وفي تقرير لقسمنا عن مدينة الفلوجة بعنوان (الفلوجة حصار وموت) بتاريخ 10/4/2016، تم رصد الانهيار شبه التام للقطاع الصحي في المدينة والمناطق القربة منها؛ حيث استهدف المستشفى العام وسط الفلوجة بالقصف (41) مرة، سبعة منها كانت بالبراميل المتفجرة، مما أدى إلى الإضرار بـ(60%) من أقسام المستشفى.واستهدف القصف مستشفى النسائية والأطف ال، الذي يقع في القسم الغربي لمدينة الفلوجة بالقرب من نهر الفرات؛ (4) مرات، كانت جميعها استهدافا بصواريخ الطائرات. ومن ثم استهداف (5) مراكز صحية في عموم المدينة، وإيقاع أضرار فيها بين متوسط وكبير[6].

ولم تأمن محافظة ديالى هي الأخرى من هذه الأمراض، ولا سيما الجلدية منها، فقد انتشر مرض (حبة بغداد) أيضاً في معظم أنحاء المحافظة، حيث أقرت قائممقامية قضاء بعقوبة الحالية، بتسجيل أكثر من(100) إصابة بمرض حبة بغداد في حزامها الزراعي[7].

وتفشت وانتشرت الأمراض أيضاً في محافظة بابل؛ للأسباب المتقدمة فضلاً عن أسباب أخرى، منها: المرض بسبب كثرة النفايات، وطفح مياه الصرف الصحي في معظم مناطق المحافظة، نتيجة الإهمال الحكومي في رفع تلك النفايات ومعالجة مشاكل الصرف الصحي، وأكد شهود عيان أن منطقة (الدوب) التابعة لقضاء المسيب في المحافظة تعاني من الاهمال الشديد، الذي تسبب بانتشار الأوبئة والأمراض بالمنطقة، وأوضح الشهود أن الأمراض الجلدية المعدية انتشرت وبصورة كبيرة بسبب تراكم النفايات والمياه الآسنة وسط الأحياء السكنية.

وكذلك الحال في محافظة نينوى، التي انتشرت الأمراض بين أهاليها؛ بسبب انعدام الخدمات في معظم مناطق المحافظة، ومنع الحكومة الحالية دخول الأغذية والأدوية إلى هذه المناطق، فقد أكدت مصادر من المحافظة انتشار العديد من الأمراض الخطيرة في المناطق التي يسيطر عليها (تنظيم الدولة الإسلامية) كشلل الأطفال، والتهاب الكبد الفيروسي، والسل الرئوي، والأمراض الجلدية، ونقص الفيتامينات وغيرها، مع شح الدواء وانعدام الرعاية الصحية. وأكد شهود عيان أن الأهالي يضطرون لتناول الأطعمة منتهية الصلاحية أو الملوثة لشح الغذاء، وكذلك المياه الملوثة لتعطل محطات تنقية المياه، ما ساعد على انتشار الأمراض المعدية والأوبئة الفيروسية وخاصة بين الأطفال.

وقد اعترفت لجنة (الصحة والبيئة) البرلمانية، بانتشار أمراض معدية بين المواطنين في مدينة الموصل، وأقرت بأن عدداً من الأطباء المتواجدين في الموصل أكدوا اكتشاف حالات مرضية بالسل وشلل الأطفال، وإن المدينة تمر بكارثة صحية[8].

وكشف المفتش العام لوزارة الصحة (أحمد الساعدي) عن أن فريقاً من مكتب المفتش العام أتلف (12 طناً) من الأدوية غير المرخصة، والداخلة إلى البلاد بصورة غير رسمية، لافتا الى أن معظم الأدوية التي تم ضبطها هي أدوية غير صالحة من خلال فحصها بالمختبرات المركزية، وأن هناك شركات وهمية لاستيراد الأدوية[9].

وما يزال شبح الأمراض المعدية والأوبئة يهدد العراقيين، جراء انعدام الخدمات والإهمال الحكومي والاستهانة بحياة المواطنين، الذين أصبح توفير الخدمات لهم حلما بعيد المنال.

 

وضع الحريات العامة والصحفية والتظاهرات الشعبية

قامت القوات الحكومية بقمع التظاهرات والاعتصامات الشعبية، التي تعد مظهراً من مظاهر الحريات العامة،  ولم تكتف بقمعها فقط، وانما استباحت دماء المدنيين الذين خرجوا فيها للمطالبة بحقوقهم، واصبح كثير ومن المتظاهرين أهدافاً منشودة للقوات الأمنية، بملاحقتهم أو سجنه أو تعذيبه أو قتلهم.

وأشار بيانان للهيئة لما يتعرض إليه العراقيون من قمع بسبب مطالبتهم بحقوقهم وحرياتهم المسلوبة؛ ففي بيانها رقم (1102) بتاريخ (8/8/2015م)، المتعلق بالتظاهرات السلمية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، قالت الهيئة: ((وقال ناشطون ٳن تظاهرات جمعة السابع من آب تشهد مشاركة شعبية أوسع من الفعاليات التي سبقتها قبل أيام وحذرت أوساط في كربلاء والنجف والبصرة وذي قار من حضور أحزاب سياسيةٍ أو سياسيين لساحة التظاهرات أو المشاركة فيها والركوب على موجتها وتوعدت من يفعل ذلك بأسوأ العواقب؛ لأن التظاهرات إنما قامت ضدهم وإن مجرد حضورهم يثير استفزاز المتظاهرين وسخطهم)).

وقالت الهيئة أيضًا في بيانها المرقم (1105) بتاريخ (28/8/2015م)، المتعلق باستمرار التظاهرات الشبابية الداعية للتغيير: ((وعلى الرغم من أن الشعارات العلنية البارزة هي المطالبة بتوفير الخدمات من الكهرباء والماء والصحة وغير ذلك؛ إلا أن من يمعن النظر في مطالبات المتظاهرين يتأكد لديه أن الدافع القوي لخروجهم هو التطلع إلى التغيير السياسي الشامل، فالدعوة إلى محاسبة الفاسدين وتغيير الوزراء والنظام الرئاسي وإلغاء المحاصات الطائفية والعرقية وضرورة تشكيل حكومة (تكنوقراط) لقيادة المرحلة)).

وبسبب هذه التظاهرات قامت حكومة المالكي بالضغط على الدول المضيفة للقنوات العراقية، التي تنقل هذه التظاهرات؛ لغلقها ومنعها من البث وهذا ما حدث لقناة الرافدين التي أوقفت هيئة الاستثمار المصرية رخصتها للبث في عام (2014) واستمر هذا الإيقاف حتى هذا العام، وتبعتها قناة البغدادية.

وفي حزيران 2015، أقرت الحكومة قانوناً جديداً لتنظيم الشبكات الإعلامية، ووصفت (المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان)- وهي هيئة رسمية- القيود التي يفرضها القانون بأنها مبالغ فيها[10].

وفي تموز وآب من العام نفسه، خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع في بغداد والبصرة ومدن أخرى للاحتجاج على الفساد الرسمي، وانقطاع التيار الكهربائي، وشح المياه، وعدم توفير السلطات الخدمات الأساسية الأخرى. فقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص عندما استخدمت قوات الأمن القوة غير الضرورية لتفريق المظاهرات، وفي الأسابيع التي تلت، قتل عدة أشخاص من قادة الاحتجاجات على أيدي معتدين مجهولين في بغداد والناصرية والبصرة، وادعى وزير الداخلية أنه لا علاقة بين أعمال القتل هذه والمظاهرات، ولكن من غير الواضح ما إذا كان قد جرى التحقيق في هذه الجرائم من جانب السلطات[11].

وأكدت منظمة العفو الدولية ان السلطات فرضت قيودا على الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية الإعلام[12].

وفي نيسان 2015، غادر (نيد باركر) رئيس مكتب (وكالة رويترز للأنباء) في بغداد البلاد بسبب تهديدات تلقاها من الميليشيات، وجاءت التهديدات عقب نشره تقارير تفيد بأن الحشد الشعبي قد ارتكب انتهاكات وأعمال نهب عقب استرداد تكريت من تنظيم (الدولة الإسلامية)[13].

وفي شباط 2016، تعرض عدة صحفيين للاعتداء من قبل الحراس الشخصيين لمسؤول أمني كبير أثناء مؤتمر صحفي في بغداد. وفي أيار 2015، عثر على الصحفي (رائد الجبوري)، وهو صحفي يعمل في (قناة الرشيد التلفزيونية) ويكتب عموداً في صحيفة (الزمان)، مقتولاً في منزله في بغداد[14].

وبحسب منظمة (مراسلون بلا حدود)، حدثت (48) حالة اختطاف لصحفيين خلال السنة الماضية.

وأكّد مرصد الحريات الصحافية الذي يُرمز له اختصارًا (JFO)، أن العراق شهد في الـ(12) شهرًا الماضية (477) انتهاكًا طال صحفيين وإعلاميين، من بينها تسع حالات قتل، محملاً الحكومة الحالية والأحزاب المتنفذة فيها بالمسؤولية الكاملة عن ذلك.

وأظهر تقرير للمرصد أن المخاطر التي تحيط بالصحفيين العاملين في العراق متعددة الأشكال؛ ما بين القتل والخطف والتهديد، وغلق العديد من المحطات التلفازية والمواقع الإخبارية، فضلاً عن التهديدات المباشرة وغير المباشرة  والابتزاز، معلقًا على ذلك بالقول؛ إنه انتهاك واضح لحق الحصول على المعلومات، مشيرًا إلى أن منع الصحفيين من كشف ملفات الفساد ومحاربة الفاسدين يعد تصاعدًا متزايدًا في التضييق على الحريات الصحافية.

وبين المرصد في بيان له، خشيته من اتباع سياسة جديدة من قبل السلطات العسكرية والأمنية، لقمع الفرق الاعلامية، ومنعها من تغطية الأحداث في مواقع الحدث المهمة، خوفاً من كشف تورطها ببعض الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان وتخالف القوانين والتشريعات الدولية والوطنية، ومن ذلك:

1.ماجرى في تاريخ 16/1/2016، حيث اعتدت قوة عسكرية من عناصر الفوج الرئاسي المتمركزة عند مدخل منطقة الدورة، قرب محطة وقود المهدية، بالضرب المبرح على اثنين من الصحفيين فضلاً عن 3 حقوقيين كانوا يرافقونهم بعمل صحفي[15].

2.في 29-2-2016 اعتدى عدد من عناصر الحماية الخاصة لرئيس الجمهورية (فؤاد معصوم)، على عدد من الصحفيين وهددوهم بالسلاح ووجهوا لهم (تهم ممارسة الإرهاب) وعمدوا إلى منعهم وعدم السماح لهم بتغطية زيارة الرئيس إلى محافظة الديوانية[16].

3.واعتدت قوات من الشرطة بتاريخ 29/2/2016 على فريقي عمل قناتي المدى وآفاق، ما أدى إلى إصابة أحد الاعلاميين بجروح طفيفة بسبب التلويح بالسلاح بوجهه.

4.مقتل مراسل ومصور قناة الشرقية الفضائية في محافظة ديالى. وحمّل مرصد الحريات الصحفية (JFO) قيادة عمليات ديالى المسؤولية الكاملة عن قتلهما، وعده مؤشراً خطيراً لعودة التصفيات المنظمة ضد الصحفيين[17].

ومنذ بدء الغزو الأميركي وحتى تشرين الثاني الماضي، سجل العراق أعلى نسبة استهداف للصحفيين في المنطقة، فمرصد الحريات في العراق يؤكد مقتل (293) صحفياً عراقياً وأجنبياً، بينما تقول نقابة الصحفيين إن عددهم يبلغ (435) صحفياً[18].

وقتل العام الماضي (22) صحفياً، ليكون أعلى رقم مسجل منذ الغزو الأمريكي يصله استهداف الصحفيين في العراق. وتعرض (29%) من الصحفيين القتلى للاحتجاز قبل قتلهم، وتعرض (41%) منهم للتهديد، في حين  نال (7%) منهم قسطاً من التعذيب، وفقا للجنة حماية الصحفيين[19].

وتضيف اللجنة  حماية الصحفيين أن تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة غابا عن (99%) من حالات قتل الصحفيين، مما يجعل العراق في المركز (156)من أصل(180) في مجال حرية الصحافة وفقا لتقرير (مراسلون بلا حدود) الصادر العام الماضي[20].

 

الإفلات من العقاب وعمليات التعذيب

عملاً بأحكام القانون الإنساني الدولي، يمكن مساءلة المدنيين أو العسكريين جنائيا على ارتكابهم جرائم حرب. ويتعين على القادة العسكريين والجماعات المسلحة أو زعمائها توخي العناية الواجبة في معرض سعيهم لمنع حدوث مثل هذه الجرائم وقمعها. ويمكن مساءلة القادة العسكريين والرؤساء المدنيين على الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا هم من أصدر الأوامر بارتكابها أو علموا أو توافرت لديهم أسباب تتيح معرفتهم باحتمال ارتكاب مثل هذه الجرائم دون أن يتخذوا التدابير الضرورية التي تحول دون ارتكابها أو معاقبة مرتكبيها إن كانت قد وقعت بالفعل. ويُحاسب الأفراد جنائيا على قيامهم بالمساعدة والتحريض على ارتكاب جريمة حرب أو تيسير ارتكابها[21].

وقد نبهت هيئة علماء المسلمين في عدة مناسبات إلى ضرورة تطبيق سياسة عدم الإفلات من العقاب بحق المجرمين من ساسة وعسكرين، الذين انتهكوا حرمات المدنيين والعراق، وكما يأتي:

1.في بيانها (1165) بتاريخ (23/4/2016م) المتعلق بالذكرى الثالثة لمجرزة الحويجة، قالت: ((وتأتي هذه الذكرى الأليمة والمجتمع الدولي والمعنيون بحقوق الإنسان ما يزالون عاجزين عن معاقبة ومحاسبة من ارتكب هذه المجزرة وغيرها من المجازر، التي ستبقى شواهد حية على حقبة تاريخية مظلمة حكمت العراق، وأذاقت أبناءه مر الهوان، وهي شاهدة أيضا على سكوت المجتمع الدولي، وتخليه عن واجبه في نصرة المظلومين)).

2.وبيانها (1166) بتاريخ (27/4/2016م) أوضحت أن التحالف الدولي والقوات الحكومية مستمران في انتهاك القانون الدولي الإنساني دون حسيب أو رقيب: وأن ((ما يجري مخالفة صريحة وواضحة لمواد القانون الدولي الذي يتبجح هؤلاء بالادعاء به، ومن أبرزها مخالفة المادتين: ٣٢ و٣٣ من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على وجوب حماية المدنيين، وتجنيبهم ويلات الحرب ولاسيما النساء والأطفال، وعدم استهدافهم أو التهاون في ذلك وإن وقع خطأ؛ لكن المنهج التدميري وما نراه من الإبادة الجماعية الذي تنفذها هذه القوات باتت هي السمة البارزة في يوميات هذه الحرب الظالمة التي تتعمد الخطأ، وتسرف فيه)).

3. وقالت الهيئة في رسالتها المفتوحة بتاريخ (9/4/2016) في ذكرى الاحتلال الثالثة عشرة: ((ونؤكد أخيرًا: على حقيقة مهمة لابد من بيانها، وهي إن المسؤولية فيما حدث ويحدث في العراق منذ الاحتلال وحتى الآن؛ هي مسؤولية (الولايات المتحدة الأمريكية) وحلفائها، وأن المجتمع الدولي مسؤول عما جرى طوال هذه السنوات ويتحمل وزرًا كبيرًا مما جرى ويجري للعراقيين من مآس وكوارث، وأنه لابد له بمختلف دوائره: جيران العراق، والمحيط الإقليمي، والمحيط الدولي؛ أن يقوموا بواجبهم الأخلاقي للتكفير عن هذا الخطأ الفادح، والعمل الحقيقي من أجل إنهاء معاناة العراقيين)).

وقالت منظمة العفو  الدولية في تقريرها (2015-2016): ((ظل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة متفشين على نطاق واسع في السجون ومراكز الاعتقال، بينما يفلت الجناة في العادة من العقاب، ويقوم المحققون بتعذيب المعتقلين لانتزاع المعلومات و(الاعترافات) منهم لاستخدامها ضدهم في المحاكمات، وورد أن بعض المعتقلين فارقوا الحياة تحت وطأة التعذيب))[22].

وفي أبريل/نيسان، قال أحد أعضاء (اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان): إن المعتقلين ما انفكوا يواجهون التعذيب، لتستخدم الاعترافات المنتزعة منهم قسرا في وقت لاحق ضدهم[23].

وقد انتقدت (لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب) عدم فتح الحكومة تحقيقات في مزاعم التعذيب، ودعت إلى زيادة الضمانات، التي توفر للمحتجزين الحماية من التعذيب.و طلبت اللجنة من مسؤولين عراقيين في وقت سابق  أجوبة واضحة عن عمليات تعذيب في البلاد، وانتهاكات لحقوق الإنسان دون رادع، مع إفلات مرتكبيها من المحاسبة والعقاب، وتحدث تقرير اللجنة عن أن أحد أهداف تقريرها، هو إيصال رسالة إلى كل الأطراف مفادها أن أي مسؤول عن الانتهاكات، وخاصة الجرائم الدولية، سيحاكم.

وأشار تقرير اللجنة أيضًا إلى أن الخط الفاصل بين القوات الحكومية (العراقية) النظامية، وغير النظامية أصبح متزايد الضبابية منذ سقوط الموصل في حزيران الماضي عام 2015. وأضاف التقرير أن الحكومة مسؤولة عن ضمان وضع جميع القوات والجماعات والوحدات المسلحة المنظمة تحت قيادة تتولى المسؤولية عن سلوك مرؤوسيها. ودعا التقرير الحكومة إلى التحقيق في جميع الجرائم المبينة في التقرير، وتقديم الجناة إلى العدالة[24].

ونشير هنا إلى أن العراق صادق على ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب عام 2011، لكن منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية تقول: إن ممارسة التعذيب لا تزال منتشرة دون تغير ملحوظ منذ تولى رئيس الوزراء (حيدر العبادي) السلطة خلفا لنوري المالكي أواخر عام 2014م[25].

 

خلاصة

بعد عرض ما تقدم من أوضاع حالة حقوق الإنسان في العراق، لا بد أن نشير إلى أن التقارير المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، وفي مقدمتها تقارير منظمات ولجان الأمم المتحدة؛ تؤكد أن العراق مازال يعاني الكثير من تردي الأوضاع الإنسانية فيه، وتراجع الحقوق والحريات، وأن خلاصة الوضع فيه يمكن عرضها في الآتي:

1.(8.2) مليون شخص في أنحاء العراق كافة بحاجة إلى مساعدة بخصوص الحماية.

2.(8.5) مليون عراقي بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.

3.أكثر من عشرة ملايين شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.

4.أكثر من (3.49) مليون نازح داخله.

5.أكثر (6.6) مليون عراقي بحاجة إلى مقومات الحياة الأساسية: الماء وخدمات الصرف الصحي والنظافة.

6.أكثر (40%) من العائلات النازحة بحاجة إلى مسكن ومأوى.

7. أكثر من (3) مليون شخص بحاجة ماسة إلى التعليم الأساسي.

8.(2.4) مليون شخص يعانون من نقص الغذاء والدواء.

 

الهوامش


[1] خبر (الصحة العالمية: الوضع بالعراق سيئ..و7 ملايين شخص بحاجة للخدمات الصحية) على موقع : www.shorouknews.com

[2] خبر (الصحة العالمية: الوضع بالعراق سيئ..و7 ملايين شخص بحاجة للخدمات الصحية) على موقع : www.shorouknews.com

[3] تقرير (كارثة إنسانية بالفلوجة واتهام الجيش بالطائفية) على موقع : www.aljazeera.net

[4] خبر (عضو في الصحة النيابية يعزو تردي الخدمات الصحية إلى «قلة الكوادر الطبية وزيادة عدد السكان») على موقع : www.alsumaria.tv

[5] تقرير (انتشار الأمراض والاوبئة . والأدوية الفاسدة التي تغزو الصيدليات . صورة أخرى لاهمال حكومي متعمد) على موقع:

 http://www.yaqen.net/news.php?action=view&id=40422

[6] تقرير قسم حقوق الإنسان بالتعاون مع القسم الاجتماعي في الهيئة :  https://www.youtube.com/watch?v=jNmYcNO8RRY

[7] تقرير (انتشار الأمراض والاوبئة . والأدوية الفاسدة التي تغزو الصيدليات . صورة أخرى لاهمال حكومي متعمد) على موقع :

 http://www.yaqen.net/news.php?action=view&id=40422

[8] تقرير (انتشار الأمراض والاوبئة . والأدوية الفاسدة التي تغزو الصيدليات . صورة أخرى لاهمال حكومي متعمد) على موقع :

http://www.yaqen.net/news.php?action=view&id=40422

[9] خبر (ضبط شاحنة تحتوي على (١٠) أطنان من الأدوية في منطقة البتاويين) على موقع : http://www.igomoh.gov.iq/ArticleShow.aspx?ID=527

[10] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[11] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 :  https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[12] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[13] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[14] خبر (الصحة العالمية: الوضع بالعراق سيئ.. و7 ملايين شخص بحاجة للخدمات الصحية) على موقع: www.shorouknews.com

[15] تصريح صحفي لمرصد الحريات الصحفية (الحرس الرئاسي يعتدي بالضرب المبرح على صحفيين) على موقع : www.jfoiraq.org

[16] تصريح صحفي لمرصد الحريات الصحفية (الحرس الرئاسي يعتدي بالضرب المبرح على صحفيين) على موقع : www.jfoiraq.org

[17] خبر (حماية رئيس الجمهورية والشرطة تعتدي على صحفيين في الديوانية) على موقع : www.jfoiraq.org

[18] تقرير (الصحافيون العراقيون يواجهون مخاطر الموت والرعب والتهديد) على موقع : www.jfoiraq.org

[19] تقرير (مئات الصحفيين ضحايا للعنف بالعراق منذ الغزو الأميركي) على موقع : www.aljazeera.net

[20] تقرير (الصحافيون العراقيون يواجهون مخاطر الموت والرعب والتهديد) على موقع :  www.jfoiraq.org

[21] تقرير (إفلات تام من العقاب: القانون الدولي وسلوك الميليشيات في العراق منظمة العفو الدولية، 2014) على موقع : http://www.amnestymena.org

[22] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[23] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[24] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

[25] تقرير منظمة العفو الدولية 2015/2016 : https://www.amnesty.org/ar/countries/middle-east-and-north-africa/iraq/report-iraq

 

انتهى التقرير 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,410,324

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"