قهّر السُنّة وعرقوب الكاظمي

نزار السامرائي

يوم 17 تشرين الأول 2020، ارتكب اللواء 42 حشد شيعي، والذي يتلقى أوامره شكلاً من (القابع) العام في مقره، مكفوف اليدين والعينين، ويزعم أن الحشد الشيعي (المقدس) لا يتحرك إلا بأمر منه.

ارتكب جريمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بقتل 12 مواطنا من أبناء المناطق السُنيّة المحتلة باحتلال هو أسوأ ما عرفه العرب من احتلالات منذ غزو المغول والتتار واسقاط بغداد عام 1258، وبعد ذلك اسقاط حكم الأندلس وإقامة محاكم التفتيش لتخيير المسلمين بين التنصر أو القتل بأبشع الوسائل أو مغادرة ديارهم وأموالهم، وأخيرا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ولكن من باب الانصاف علينا أن نقرّ لعدونا إسرائيل أنها لم ترغم فلسطينيا واحدا مسلما أو مسيحيا أو درزيا أو بهائيا على التحول إلى الديانة اليهودية، وربما لا يعود هذا إلى إنسانية الحركة الصهيونية، بقدر ما يعود إلى واحد من أقدس المعتقدات الدينية عند اليهود، وهو أنهم شعب الله المختار لأنهم أحفاد سيدنا يعقوب بن اسحق بن إبراهيم عليهم سلام الله، وبالتالي لن يسمحوا باختلاط الأنساب وإضاعة الدم الأزرق والعرق النقي الذي اختصهم الله سبحانه به على ما يزعمون.
ولكن احتلال الحشد الشيعي (المقدس) للمدن السُنيّة في العراق وتهجير أهلها والاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم واعتبارها من غنائم الحرب، تخطى كل ما فعله الأولون والآخِرون من فظائع وما ارتكبوه من جرائم، ففضلا عن أن قيادات هذا الحشد تتباهى بأنها طفيلية على أموال العراق وأهل العراق، فإنها إيرانية الدم والولاء قلبا وقالبا، ويردد ببغاوات هذا الحشد الجبان فعلا والذي يتقمص أدوار البطولة الفارغة في بيئات منزوعة السلاح وربما لا تضم إلا الطاعنين في السن والنساء والأطفال، يكرر تلك المقولات ولا يعون أنها عارٌ ما بعده من عار سيسجل بأسمائهم وأفراد عوائلهم وأبنائهم وأحفادهم أبد الدهر لن تغسله محيطات الأرض ولا بحارها أبدا.
بعد ارتكاب جريمة الفرحاتية بسويعات محدودة غطت بعض الفضائيات عن طريق أفلام حصلت عليها من مواقع التواصل الاجتماعي، تلك الجريمة فتحدّث رجال كثيرون من ذوي الضحايا عن معرفتهم المؤكدة بأنّ أفراداً من اللواء 42 حشد التابع لمجرم الحرب الخزعلي أو ما يسمى بعصائب أهل الحق، يعرفونهم بأسمائهم وسيماهم ووجوههم الكالحة هم الذي ارتكبوا الجريمة المرّوعة، ليس بعدد ضحاياها، فأرقام الضحايا في العراق لم تعد لها قيمة على الإطلاق لا في الميزان الأخلاقي ولا بالميزان القانوني المحلي ولا بميزان حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة ولا في كل المواثيق الدولية بل حتى في المواثيق الاجتماعية العراقية من عشائرية ودينية، فالدم العراقي يسفك بلا انتهاء منذ 2003 وحتى اللحظة، "وهذا هو حصرا ما تريده القوى الكبرى التي خططت لإعادة العراق إلى عصر ما قبل الصناعة"، ثم قام من يطلق على نفسه وصف (رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة)، بزيارة لمنطقة الجريمة وكأنه باحث جنائي يُعاين موقعَ الجريمة وليأخذ عينات من المبرزات الجرمية، واللافت أنه جاء مرتديا الكاسكيتة العسكرية الإيرانية مع قميص عسكري هجين وبنطال لا يمكن أن ينسب إلا إلى رعاة البقر في أفلام الغرب الأمريكي، واصطحب معه فالح فياض الصندوق الأسود لكل ملفات الجريمة الحشدية في العراق، فكانت تلك هي الرسالة التي أراد الكاظمي إيصالها إلى مناطق السنة من أنكم تلجأوون إلى الخصم والذي نصّب نفسه حكما على أمل سرابي من أنه سيعاقب القتلة بالأسماء والأرقام، لأن هذا السلوك غير مسموح به أبدا في (العراق الديمقراطي التعددي).
وبعد أن حضر مجلس العزاء وقرأ سورة الفاتحة أطلق وعوده بأن دم الضحايا لن يذهب سدىً، وشكّل لجنة تحقيقية "وهذه هي هوايته المفضلة"، وعاد إلى مقره سالما غانما ليتباهى أمام خصومه في التحالف الشيعي الحاكم، بأنه يقتل أو يسمح بالقتل ولكنه يسارع لوضع أكاليل الزهور على قبور ضحاياه ويقرأ عليهم سورة الفاتحة حتى إذا كان لا يحسن قراءتها فعلا، وأنه الوحيد الذي يسّرّح ذوي الضحايا (بالقنافذ) كما يقول المثل العراقي كناية عن مواعيد عرقوب الكاظمي.
وبدأت قوى التحالف الشيعي بالهجوم الإعلامي المنسق والمضاد لامتصاص النقمة وتحويل وجهة الاتهام نحو داعش، بدأت الخطة على استحياء في المرحلة الأولى، على لسان أحد متحدثي عشائر بلد فقال لا يجوز اتهام شخص أو تشكيل بتهمة تنفيذ الجريمة، فربما تكون لها بصمات داعش، وهكذا انتشرت نار التحالف الشيعي الدعائية في الحقل اليابس بعد أن أوقد شرارتها الأولى عشائري هو جزء من العصائب، ولتنتقل إلى الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة الذي يتحرك على المسطرة ولا يحيد عنها ولو مليمترا واحدا، ولا يمكن أن يطلق كلامه على عواهنه وقال "على الرغم من أن المنطقة منطقة نشاط لداعش إلا إنه لا يمكن أن يتخطى عامل الدقة والتمحيص في حديثه ولا يمكن أن يتهم داعش من دون دليل"، انظروا الانصاف والأمانة التي لا يمكن أن يغادرها أبدا لأنه مؤتمن على وظيفته.
ودارت العجلة بسرعة قياسية، فزار ممثل عصابة الخزعلي المنطقة وألقى عليه شباب المنطقة بـ(غترهم)، أي أغطية الرأس التي كانت تحمي رؤوسهم من وهج الشمس على ممثل العصابة المجرمة التي ارتكبت الجريمة، كناية عن (أننا في حمايتكم)، أما المتحدث الرئيس أي أبُ المفقودين الأربعة، فقد ألقى الحمل عن كتفه وظهره على (المرجعية) وقال (أريد أولادي من المرجعية).
فماذا يمكن أن نُسميَ هذه "الفوضى الخلاقة" التي وعدت بها كونداليزا رايس؟، وماذا نسمي هذا الذل وتلك المهانة التي وصل إليها سنة العراق؟.
هذا هو قهر الرجال الذي استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اليوم بت أتساءل هل كنا على خطأ طيلة حكمنا للعراق عندما تسامحنا مع قردة وخنازير سرعان ما يتحولون إلى ضباع عند أول فرصة تسنح لهم للانقضاض على ضحاياهم؟.
أترك الجواب لأن فيه غصة حرى.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,262

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"