فالح الفياض مهندس جرائم الإبادة الطائفية، دجال ببدلة فرنسية  

عبدالكريم صباح البياتي 
 
في خريف عام 2015 اقتاد مسلحون يتبعون ميليشيات "الحشد الشعبي"، المئات من السكان القرويين شمال مدينة الفلوجة خلال فرارهم من مناطق القتال.



حدث ذلك بتسجيل موثق ما زال متداولا لغاية الآن يُظهر عملية تقييد الرجال وعزلهم عن النساء والأطفال بحجة التدقيق الأمني، إلا أن أي منهم لم يعد حتى الساعة.
كانت تلك واحدة من جرائم متسلسلة معلنة وموثقة نفذت من قبل ميليشيات "الحشد الشعبي"، في مناطق عدة من شمال وغرب العراق.
بعد أسابيع من الواقعة، انتقل وفد سياسي وآخر حقوقي إلى ضاحية الراشدية، قرب بغداد، حيث يقع منزل فخم محاط بحراسة وكاميرات مراقبة مع أعلام وشعارات مختلفة، يقيم فيه زعيم الحشد الشعبي، المظلة الجامعة لأكثر من 70 فصيلا مسلحا يرتبط معظمها عقائديا وتسليحيا بإيران، فالح الفياض والذي تبين أنه منزل مغتصب يعود لأسرة من نفس عشيرة العامري أحد أبنائها كان ضابطاً في الجيش العراقي قبل الاحتلال الأميركي عام 2003. 
كانت الزيارة لمناشدة الفياض التدخل لوقف عمليات تطهير طائفية واسعة تنفذها الميليشيات بحق العراقيين من سكان البلدات والمحافظات التي كانوا يهربون منها بفعل المعارك مع تنظيم "داعش"، غير أن الفياض رفض حتى مناقشة الموضوع وأنكر كل التهم المنسوبة، بل وهدد من يكررها على وسائل الإعلام بالاعتقال بتهمة مناصرة داعش.
بين هذا الركام وسيل الدماء وملفات أخرى يبرز اسم فالح الفياض، 64 عاما، أكثر، فمنذ عام 2003 ظل الفياض في مناطق متفاوتة بين السياسية الهامشية والحكومية الرئيسة، فيمكن ملاحظة أنه تولى منصب إداري في مكتب رئاسة الجمهورية ضمن الذين تم ترشيحهم عقب تسليم الحاكم المدني الأميركي آنذاك بول بريمر السلطة عام 2004 باختيار إياد علاوي كأول رئيس للوزراء وغازي الياور بمنصب رئيس للجمهورية، قبل أن يظهر الفياض كعضو عن حزب الدعوة نائباً في أول برلمان عام 2005، ثم عضواً في التحالف الشيعي الذي أشرف على تأسيسه أحمد الجلبي بدعم إيراني آنذاك، (البيت السياسي الشيعي) قبل أن يتورط كطرف فاعل في جرائم طائفية بمحافظة ديالى عام 2006 و2007 تحت عنوان رئيس مجالس الإسناد التي رعاها نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، ليتم اختياره وزيراً للأمن الوطني عام 2010 ومن ثم رئيساً لهيئة الحشد الشعبي التي تم تشكيلها فيما بعد لمنح شرعية لتلك الميليشيات التي تم تأسيسها.
الفياض الذي أقيل أخيراً من منصبين كان يشغلهما مع رئاسته لـ"الحشد الشعبي"، وهما مستشارية الأمن الوطني، ورئاسة جهاز الأمن الوطني، حيث حلّ بديلاً عنه بالمنصبين القيادي بميليشيا بدر ووزير الداخلية الأسبق قاسم الأعرجي، والضابط المتستر على جرائم الابادة في الموصل، عبدالغني الاسدي الذي عمل رئيساً لجهاز مكافحة الإرهاب قبل إحالته للتقاعد العام الماضي، الفياض بات اليوم يمثل موفداً دائماً للحكومة (العراقية) مع نظام بشار الأسد، في ملفات لا تتعدى مسألة مشاركة الميليشيات العراقية في القتال إلى جانب نظامه ومساعدة النظام على الإفلات من العقوبات الدولية المفروضة حوله.
وتشير تقارير كل من هيومن رايتس ووتش ومركز بغداد لحقوق الإنسان ومركز جرائم الحرب في العراق للفترة بين 2014 ولغاية 2020 الحالي إلى تورط "الحشد الشعبي" في عشرات الجرائم المروّعة التي نفذت في تلك الفترة بمناطق الأنبار وصلاح الدين وبغداد وكركوك ونينوى وأخيراً ديالى التي ما زالت تذبح ولا يسمح لها حتى بإصدار صوت التوجع من سكاكين التغيير الديموغرافي، تتوزع جميعها على نحو 39 منطقة رئيسة وقعت بها انتهاكات ومجازر مروّعة نفّذتها الميليشيات، غير أنه لغاية الآن ينجح الفياض في إحباط أي جهد لفتح ملف أيٍ من تلك الجرائم الحقوقية ليس بقوة السلاح أو تأثير الدعم الإيراني المفتوح له، فحسب، بل أيضاً من خلال مساومته السياسية مع ممثلي تلك المناطق من العرب السنة الذين تحولوا إلى تجار أزمات يقايضون ملف النزوح بمنصب وكيل وزارة واختطاف وتغييب آلاف المواطنين على يد الميليشيات بمنصب رئيس هيئة أو حتى حصة في مشروع م!
يكفي القول إن الفياض الذي عرف بشغفه باقتناء البدلات الفرنسية وربطات العنق الزهرية أبرز المتورطين بجرائم التطهير الطائفي من غير المعممين وأصحاب الجبب السوداء، لهذا سيبقى واجهة للحشد بوجهين، ولا أظن أن توقعات استبداله عن رئاسة الحشد صحيحة، على الأقل خلال الفترة الحالية، فلن يجدوا واجهة أفضل منه، معمم يتوارى خلف ربطة عنق.
لكن على الفياض أن يتذكر أن الجرائم لا تسقط بالتقادم وثمة نجار ما بإحدى حارات بغداد القديمة سيصنع له مقصلة ولو بعد حين. 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,413,977

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"