بين الديني والسياسي في موضوع غزو العراق

مصطفى كامل
*️⃣ تنبيه
هذا كلام سياسي يُورِد حقائق تاريخة، لا علاقة له بالمذاهب والأديان، وإن وردت فيه بعض التسميات التي قد توحي بذلك.



قبل بدء غزو العراق، وطبعاً بعد احتلاله، أعلن علماء سنة العراق وأخصّ منهم الشيوخ عبدالكريم بيارة المدرس وحارث الضاري وعبدالملك السعدي وهاشم جميل وعبدالكريم زيدان، وسواهم كثير، أعلنوا بوضوح تام مواقفهم في كون جهاد المحتل فرض عين على كل قادر، مع كون بعضهم له مواقف سياسية مختلفة مع الحكم الوطني القائم حينها.
وعبّأ المعنيون المسلمين لمواجهة المحتل، معبّرين عن الموقف الشرعي في هذه القضية الخطيرة، ومنسجمين بذلك مع الموقف الوطني والأخلاقي.
وللتاريخ..
فقد أعلن مراجع شيعة العراق في النجف وكربلاء والكاظمية مواقفاً ضد غزو العراق أثناء الحكم الوطني، نفاقاً كما اتضح فيما بعد، حيث كانوا يُوصون أتباعهم في السر بخلاف ذلك.
لكن الكثير من أبناء الوطن في محافظات جنوب العراق وفراته الأوسط لم يُصغوا للتعليمات السرية بعدم مقاتلة الغزاة وإلقاء الاسلحة أو تخريبها عمداً، كما أوصاهم ممثلو تلك العمائم المنافقة، فقد قاتل أبناء تلك المحافظات الغزاة، بعراقيتهم لا بطائفتهم، ضمن جيش العراق ببسالة مشهودة وألحقوا بالعدو خسائر كبيرة.
لكن أولئك المعمميمن المنافقين في النجف وكربلاء والكاظمية، ومعهم مراجع قم، وأخصُّ منهم السيستاني ومقتدى الصدر وكاظم الحائري وغيرهم كثير، بادروا فور احتلال بغداد بإعلان مواقفهم الحقيقية فأصدروا فتاوى واضحة معلنة تُوجِب الترحيب بالمحتل والتعامل مع جنوده باعتبارهم ضيوفاً، ودفعوا أتباعهم للتعاون مع الغزاة، وهو ما حصل فعلا، ولا ينكر ذلك منصف.
وكان مقتدى أول عراقيي الداخل الذين اتصل بهم الغزاة، بينما كانوا يتقدمون لاحتلال بغداد، حيث اجتمعوا معه في صحراء النجف في الخامس أو السادس من نيسان/ أبريل عام 2003، ليضمنوا عدم قيام أتباع والده بمقاتلتهم في بغداد.
وقد برّر أولئك المعممون المنافقون موقفهم لصالح الغزاة إما سياسياً، بالقول:
1. إنه أوان قيام دولة الشيعة وعلينا القبول بالغزاة، مؤقتاً، لأنهم سيحققون ذلك، و
2. إن الأميركان أسقطوا عدونا صدام حسين وعلينا أن نشكرهم.
أو برروه دينياً، بالقول إنه لا جهاد في زمن غيبة الإمام المهدي المنتظر.
والحقيقة أن موقفهم سياسي محض لا علاقة له بالمذهب، فقد كان المبرران السياسيان في أعلاه حاضران عند إصدار المعنيين فتاواهم، يضاف لهما مبرر ثالث هو الأوامر السياسية الإيرانية التي قضت بذلك، بينما كانت قد قضت بالسماح لهم بممالأة الدولة الوطنية قبل غزو العراق.
وحتى لا نشهد بغير الحق، فقد سكت أغلب علماء الدين الأكراد في شمال العراق عن اتخاذ موقف أو إعلانه، انسجاماً مع موقفي عصابتي مسعود بارزاني وجلال طالباني المنخرطين في العدوان كليا. والساكت عن الحق شيطان أخرس.
ومع أن المواطنين الأكراد سنة على المذهب الشافعي إلا أنهم يعتمدون فتاوى علمائهم الأكراد لأسباب عنصرية وسياسية.
ولا أعرف عالم دين من السنة، عربياً أو كردياً، أفتى بعدم مقاومة المحتل، ومن فعلها منهم فهو يعبر عن موقف سياسي لا ديني، أو نزعة عنصرية.
ولا يفوتنا أن نذكر بالعار مواقف شيوخ الطريقة الكسنزانية المحسوبين على السنة، الذين جنّدوا أنفسهم لخدمة المحتل وتجسّسوا لصالحه، وألقي القبض على بعض جواسيسهم، ولولا انهيار الدولة عند احتلال بغداد لكانوا أعدموا بذلك الجرم الكبير، وكانت مواقفهم سياسية وعنصرية أيضا، على رغمٍ من الدعم الذي كانوا يتلقّونه من كبار مسؤولي الدولة وقتها.
وختاماً نخلص إلى القول، إن فتاوى عدم التصدي للاحتلال ووجوب التعاون معه كانت فتاوى سياسية وعنصرية وليست شرعية، بينما كانت فتاوى مقاومة الغزاة وعدم التعامل مع الاحتلال شرعية تماماً ومنسجمة بالكامل مع الموقف الوطني والأخلاقي الذي يُوجب ذلك، فأي دين ذلك الذي يتهاون مع الغزاة ويسمح بالتعاون مع المحتلين؟!

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,410,303

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"