مظاهرات العراق: إغلاق مؤسسات حكومية ورفض لـ"التعديلات الوزارية"

تزايدت مع حلول مساء يوم الثلاثاء أعداد المتظاهرين في ساحات المظاهرات بالعاصمة العراقية بغداد، ومحافظات البصرة وذي قار وميسان والديوانية والنجف وكربلاء وبابل وواسط جنوبي البلاد. وواصل المتظاهرون رفضهم أية مفاوضات مع الحكومة الحالية التي جددوا المطالبة باستقالتها، كما أغلقوا مؤسسات حكومية مهمة جنوبي العراق.

وبينما تحدثت الحكومة عن قرب إجراء تعديلات وزارية رفض سياسيون وناشطون الحديث عن هذه التعديلات، معتبرين أن الحل يكمن في استقالة أو إقالة الحكومة

وشهدت ساحات المظاهرات نصب شاشات كبيرة من أجل مشاهدة مباراة كرة القدم بين العراق والبحرين، إذ توجه الآلاف لمشاهدتها من ساحات التظاهر؛ ما دفع الأمن العراقي لاتخاذ إجراءات احترازية خشية تحول الاحتفالات في حال فوز منتخب الكرة إلى مظاهرات تصعب السيطرة عليها.

وحذرت قيادة عمليات الجيش في البصرة المحتفلين في حال فوز المنتخب العراقي من إطلاق العيارات النارية في الهواء، مبينة أنها ستقوم باعتقال مطلقي النيران.

وتحولت الاحتفالات بفوز العراق على إيران، يوم الخميس الماضي، إلى مظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف من العراقيين الذين تمكنوا في ما بعد من توسيع نطاق المظاهرات، خصوصاً في بغداد، التي انتقلت فيها من ساحتي التحرير والطيران، وجسر الجمهورية، إلى ساحة الخلاني المجاورة، وجسور السنك والأحرار والشهداء.

ومع حلول المساء، غصّت مناطق المظاهرات في بغداد بالمتظاهرين الذين جددوا إصرارهم على استقالة الحكومة وحل البرلمان، رافضين الحلول والمبادرات الترقيعية التي تطلق من قبل السياسيين بين الحين والآخر.

كما أعلن في العراق، الثلاثاء، عن إطلاق سراح الناشطة في مظاهرات ساحة التحرير ماري محمد بعد 11 يوماً على اختطافها.

وفي ذي قار جنوبا، أكدت مصادر محلية إطلاق سراح الناشط حسن الزعيم بعد أيام على اختطافه من قبل جهات مجهولة قبل أيام، ما أدى إلى نشوب مظاهرات واسعة تسببت بصدامات مع قوى الأمن في مدينة الرفاعي شمالي المحافظة، موضحة أن الآلاف ما زالوا يواصلون مظاهراتهم في ساحة الحبوبي مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) التي شهدت وصول خيم جديدة للمعتصمين، ونصب شاشات عرض كبيرة، وكذلك في مدينة الغراف التي شهدت في وقت سابق حرق منازل مسؤولين محليين من قبل متظاهرين.

وفي محافظة الديوانية، اتسعت الثلاثاء مظاهر الإضراب في المحافظة، بعد قيام متظاهرين بإغلاق 6 مؤسسات رسمية مهمة هناك، هي مديرية التربية، ومؤسسة السجناء السياسيين، ودائرة الكاتب العدل، وهيئة الاستثمار، وفرع وزارة العمل، وديوان المحافظة، ووضعوا عليها لافتات "مغلقة باسم الشعب".

تعديلات وزارية

وعلى الرغم من الرفض الشعبي الواسع للوثيقة السياسية التي وقع عليها 12 تحالفاً سياسياً مساء الإثنين، فقد اتفقوا على منح الحكومة 45 يوماً لإجراء الإصلاحات، إلا أن الحكومة لا تزال تواصل حديثها المتكرر عن إجراء تعديلات وزارية يراها المتظاهرون طفيفة ولا تتناسب مع حجم التضحيات التي قدمت في ساحات التظاهر.

وقال المتحدث باسم مكتب رئيس وزراء المنطقة الخضراء سعد الحديثي إن الكتل السياسية خولت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي إجراء تعديلات وزارية، موضحا خلال مقابلة متلفزة أن الإصلاحات ستكون منسجمة مع مطالب المتظاهرين

وبيّن أن "عدد الوزراء الذين سيتم استبدالهم سيعلن عنه لاحقا، لأنه ليس من المصلحة الحديث عن العدد اليوم"، مشيرا إلى أن "عبد المهدي يبحث في عدة أسماء مطروحة أمامه لتقديمها إلى مجلس النواب من أجل التصويت عليها".

في المقابل، قال الناشط في مظاهرات ساحة التحرير ببغداد، حيدر جاسم، إن حديث الحكومة عن تعديلات وزارية لا يعني المتظاهرين الذين يرفضون أي شيء من السلطات العراقية غير الاستقالة، مؤكداً أن "هذه الأحاديث هي مجرد ذر للرماد في العيون من أجل كسب الوقت وتخدير الشعب الثائر مطالباً بحقوقه".

وفي السياق، انتقد القيادي في الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي اجتماع القوى السياسية الذي قدم الدعم لحكومة عبد المهدي، مبيناً في منشور على صفحته في "فيسبوك" أن "الطغمة الحاكمة لا تزال تطرح حلولاً لأزمتها".

ولفت إلى أن اجتماع القوى السياسية لم يتطرق إلى القتل والقمع الذي يمارس ضد المنتفضين، معتبراً أن الحل ليس بتغيير عدد من الوزراء، بل باستقالة الحكومة برمتها أو إقالتها.

إجراءات جديدة للبرلمان

بدأ البرلمان العراقي، مساء الثلاثاء، بمناقشة مشروع قانون الانتخابات من خلال عرضه للقراءة الأولى، كما صوت النواب على قانون يلغي امتيازات كبار المسؤولين، في وقت اتخذ فيه مجلس الوزراء قرارات جديدة في محاولة من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لامتصاص غضب المتظاهرين.

وذكرت مصادر في مجلس نواب المنطقة الخضراء أن مجلس النواب أنهى القراءة الأولى لمشروع قانون الانتخابات البرلمانية، كما تمت قراءة مشروع قانون لاختيار مفوضية انتخابات جديدة، موضحة أن قانون الانتخابات الجديد المفترض أن يتم التصويت عليه بشكل نهائي خلال أيام يتضمّن تقسيم العراق إلى دوائر انتخابية صغيرة.

وبيّنت أن مشروع القانون الجديد للانتخابات يقلل عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 243، يضاف إليهم 9 مقاعد للأقليات، مؤكدة أن أكبر عدد من المقاعد سيكون في بغداد التي ستنال 57 مقعداً، وبقية المقاعد يتم توزيعها على المحافظات الأخرى.

كذلك صوت مجلس النواب على قانون آخر يقضي بإلغاء امتيازات كبار المسؤولين في الدولة العراقية.

إضافة إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب عن تحالف "الفتح" أحمد الأسدي إن تعديل قانون الانتخابات أصبح ضرورة ملحة من أجل تطبيق الإصلاح، موضحاً خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أن القانون الجديد سيمنع رئيسي الوزراء والجمهورية ونوابهم والمحافظين ومسؤولين آخرين من الترشيح للانتخابات المقبلة.

وبيّن أن "البرلمان سيبقى في حالة انعقاد دائم حتى الانتهاء من تشريع جميع القوانين المهمة التي تلبي مطالب الجماهير التي خرجت بحثاً عن وطن فيه دولة قوية".

بدوره، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي سعد الحديثي إن مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي أرسلته الحكومة إلى البرلمان يخفض عدد النواب إلى 251، بما يشمل 9 مقاعد للأقليات، مؤكداً أن القانون الجديد يمنع رئيس الجمهورية ونوابه، ورئيس الوزراء ونوابه، والوزراء ووكلاءهم، ورؤساء الهيئات والمستشارين والمحافظين ونوابهم وذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين من الترشيح للانتخابات.

كذلك أصدر مجلس الوزراء عدة قرارات جديدة الثلاثاء، أبرزها تخفيض الرسوم المفروضة على السيارات الهجينة بنسبة 100%، وصوّت أيضاً على قرار يدعم وزارة الإسكان لتسهيل إجراءات فرض الأراضي السكنية.

وتعرض تصويت مجلس النواب على قانون تخفيض مرتبات كبار المسؤولين إلى انتقادات من قبل نواب.

وقال عضو البرلمان جواد حمدان إن الصيغة الحالية للقانون أبقت على امتيازات كبار المسؤولين في الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان) ووكلاء الوزراء والمستشارين والمديرين العامين، موضحاً في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان مع عدد من النواب أن هذا القانون لم ينص على استعادة المنازل والسيارات التي استولى عليها المسؤولون منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 حتى الوقت الحاضر.

وعبّر ناشطون بساحات المظاهرات عن عدم ثقتهم بكل هذه الإجراءات، التي وصفوها بالشكلية، وتهدف لكسب الوقت، موضحين أن الغرض منها هو الالتفاف على مطالب المتظاهرين، والتهرب من ضغط المرجعية الدينية في النجف التي أعلنت يوم الجمعة الماضي دعمها المطلق للمتظاهرين الذين قالت إنهم يمثلون الشعب الذي يمتلك شرعية السلطة.

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,413,582

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"