فقه الإرهاب عند الأذرع الايرانية

علي الكاش

فقه الإرهاب في العراق محير فعلا، فإرهاب تنظيم الدولة الإسلامية لا يفرق كثيرا عن إرهاب ميليشيات الحشد الشعبي، فكلاهما ينفذ أجندة خارجية تابعة لولاية الفقيه، البغدادي والخامنئي يدعيان كلاهما انهما من نسل أئمة الشيعة، وكلاهما يحمل لقب خليفة وزعيم الأمة الاسلامية وامير المؤمنين، وكلاهما يحمل شعار البقاء والتمدد.

ربما الفرق بينهما هو ان تنظيم الدولة لم يمارس تجارة المخدرات والرقيق الأبيض والاشراف على صالات القمار والدعارة، ولم يجرف مناطق أهل السنة، ولم يستولي على عقارات الناس، ولم يمنع المهجرين من العودة الى مدنهم، ولم يفرض سيطرته على المنافذ البرية والبحرية، في حين ان الحشد الشعبي لم يسبي الأيزيديات.  بمعنى ان كفة الحشد الشعبي أثقل من كفة داعش في ميزان الإرهاب.

عناصر ميليشيات الحشد الشعبي، كما يبدو لا يفهموا معنى  تصنيفهم في خانة الإرهاب، وما هو الثمن الذي سيدفعونه جراء هذا التصنيف، كإرهابي فأنك لا تستطيع ان تسافر الى معظم دول العالم لأن اسمك في القائمة السوداء، وسيتم القاء القبض عليك، وان اموالك ستخضع الى التجميد او المصادرة، وستكون مشتبه به في أي مكان تتواجد فيه، تحصل فيه عملية ارهابية او جريمة ما، وستُحمل عائلتك مغبة إرهابك لأنهم سيعاملون كإرهابيين، وسيحمل ابنائك لطخة العار اينما حلوا بسبب صفتك الإرهابية، ملجأك الوحيد هي الدولة التي جندتك الى جنبها، اي نظام الملالي، وهذا النظام يلعب على حافة الهاوية، وسيسقط عاجلا أو آجلا، فالحصار الاقتصادي على النظام بات أشد من العدوان العسكري كما اعترف وزير الخارجية الايراني مؤخرا. والنظام يحاول ان يسد النقص في وارادت الدولة عبر منافذ أخرى أهمها العراق عبر تصدير السلع الخائبة التي تدمر اقتصاده، او تصدير النفط الايراني تحت غطاء عراقي.

لكن الأهم من هذا كله، ان ورقة هذه الميليشيات ستحترق، سيما ان عود ثقاب الولي الفقيه مهيأ للاشتعال في اية لحظة. وسحابة الغباء المخيمة على عقول ميليشيات الحشد الشعبي تشوش عندهم الرؤية. فهم لا يدركون ان النظام الإيراني يتلاعب بهم، ويحملهم مسؤولية كبيرة هم غير قادرين على تحملها. هذا النظام الايراني يمكن ان ينفض يده من اذرعه التي تنفذ اجندته وفقا لمصالحه الوطنية وطز وألف طز في الميليشيات العائدة له. لو افترضنا جدلا ان الحوثيين او الحشد الشعبي أطلق صواريخ على الكيان الصهيوني، وكانت الصواريخ ايرانية الصنع، فيمكن لإيران ان تتبرأ من الحوثيين والحشد على اعتبار انهم مواطنين يمنيين او عراقيين ولا علاقة للنظام بهم. وهذا ما حصل في الهجوم على منشأتي ارامكو في السعودية، فقد تبرأت إيران من الحدث وقالت انهم الحوثيون ولا علاقة لنا بالأمر. على اعتبار ان الحوثيين في حرب مع السعودية، ومن حقهم ان يهاجموها. وهذا ما حدث ايضا في معارك حزب الله مع الكيان الصهيوني بتحريض ايراني، فقد تبرأ نظام الملالي من المسألة على أساس ان حزب الله هو من هاجم ولا علاقة لإيران بهذه الحرب، ولبنان بأكمله دفع ثمن مغامرة حزب الله.

المثير في أمر هذه الأذرع الايرانية انه طالما ان إيران تبسط نفوذها على حكومات العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين (ممثلة بحماس)، فلماذا لا تدعم إيران حكومات هذه الدول بالأسلحة بدلا من دعم الميليشيات المتفقسة فيها؟ ولماذا تحول الميليشيات الى دويلة داخل الدولة كدويلة الحوثي في اليمن، ودويلة حماس في فلسطين، ودويلة الحشد الشعبي في العراق، ودويلة حزب الله في لبنان، ودويلة الميليشيات في سوريا؟ جميع حكومات هذه الدول تخضع لولاية الفقيه، فبشار الاسد والحوثي وعادل عبد المهدي وحسن نصر الله هم يحكمون دولهم، لكن يحكمهم الخامنئي، فهم لا يخطوا خطوة واحدة دون الرجوع الى سيدهم الولي الفقيه.

الأغرب منه ان إيران تمارس نفس اللعبة داخل اراضيها، فالحكومة يتزعمها الرئيس روحاني، والحرس الثوري يتزعمه قاسم سليماني، أيران دولتين وليست واحدة، فيها زعيمين وحكومتين وجيشين وميزانيتين. من العجائب ان يقوم الجيش الايراني مؤخرا بمناورات جوية مشتركة ـ ليس مع دولة مجاورة ـ بل مع الحرس الثوري الايراني!!!

بعد حقبة الاستعمار الحديث تقوم الدول عادة بإدارة معاركها من اراضيها، في حين تدير إيران معاركها من خارج اراضيها، عبر أذرعتها في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين. وهذا ما عبر عنه إمام مدينة مشهد آية الله أحمد علم الهدى (عضو مجمع الخبراء المكلف بتعيين المرشد الأعلى والمشرف على عمله، وله حق إقالته) في 22/9/2019 بقوله " إيران اليوم ليست إيران فقط، وليست محدودة بحدودها الجغرافية، فالحشد الشعبي في العراق ايراني، وحزب الله في لبنان ايراني، أنصار الله في اليمن ايراني وقوات الدفاع الوطني في سوريا ايرانية، الجهاد الاسلامي وحماس في فلسطين ايرانية، فهذه كلها ايران"، ويخاطب السعودية بقوله: تقولون ان الطائرات المسيرة أتت من الشمال، ويتساءل ما الفرق الذي يحدث؟ " شمالكم إيران وجنوبكم إيران على حد سواء".

كالعادة لم يجرأ اي زعيم عراقي او سوري او فلسطيني او لبناني او يمني بالرد على كلام (علم الضلال)، او يعترض على كونه ذراعا ايرانيا، اي اعتراف ضمني بما قاله علم الضلال.

مؤخرا مد روحاني يد الصداقة الى دول الجوار داعيا الى مصافحة يده! لكن من سيصافحه وعلى أي أساس؟

تعرضت السعودية الى (260) صاروخ باليستي ايراني الصنع و(150) طائرة مسيرة من (يد الصداقة) الايرانية. اليد القذرة الملوثة بالدماء يد روحاني لا يرغب أحد في مصافحتها. كما انه لا يوجد في العرف الدولي ما يسمى (عفا الله عما سلف)، كل طرف يتحمل جريرة أفعاله، ولا يمكن ان تمدٌ يد الى روحاني، قبل ان تنجز لجنة تحقيق الأمم المتحدة والدول الأوربية أعمالها وتحدد الجهة التي أطلقت الصواريخ على مجمع ارامكو السعودي. ونود تن ننوه ان بعض المحللين السياسيين والعسكريين يصفون الهجوم على ارامكو بعمل إرهابي، وهذا غير صحيح البته، انه عدوان من دولة على دولة عضو في الأمم المتحدة وذات سيادة وتعتبر مركز الإسلام، علاوة على ما تمتلكه من مكانة وقيمة روحية عند المسلمين كافة. انه عدوان سافر وليس عمل ارهابي. وعلى المملكة بعد نهاية التحقيقات ان تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن حول العدوان وتطالب بتعويضات عن الأضرار التي لحقتها، وتعلن عن حقها في الرد المناسب، هذا بالإضافة الى اجتماع عاجل في الجامعة العربية لأن العمل العدواني استهدف الأمن القومي العربي. اضافة الى اجتماع مماثل لمجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الاسلامي.

لذا نقول لروحاني: اسحب أولا الأذرع الايرانية في المنطقة، ثم مد يد الصداقة بعد ذاك اليها؟

كلمة أخيرة للشعوب العربية: لاحظوا القواسم المشتركة للدول الخاضعة لسلطة ولاية الفقيه، جميعها تعاني من الحروب الداخلية، البطالة، الفساد الحكومي، العجز في الميزانية، تفاقم الديون الخارجية، ارتفاع نسبة الأمية، الاحتقان الطائفي، ارتفاع مستوى الفقر. ان وجود إيران او اذرعها في اي مكان يعني خرابه ودماره. ولا تنخدعوا بتصريحات زعماء الميليشيات مطلقا حول التقارب والانفتاح وغيرها من الطروحات، جميعهم رضعوا من ثدي الجارة الشرقية، ولهم في التقية السياسية منهجا ثابتا، هذا مقتدى الصدر الذي يعتبر الماكنة الأولى التي فقست الميليشيات في العراق، زار عددا من الدول العربية والتقى زعماء عرب، وحصل على دعم مادي ومعنوي يحلم به، واخيرا ارتمى في حضن الخامنئي مع توأمه قاسم سليماني، وهذا ما يقال عن نوري المالكي وحيدر العبادي وعمار الحكيم وعادل عبد المهدي وبقية الجوق، كلهم عبيد في ولاية الفقيه. ذكر ابن الجوزي “جاء رجل من الصوفية إلى (امير الامراء القائد بجكم) فوعظه حتى أبكاه بكاء شديدا، فلما ولي، قال بجكم لبعض من حضره أحمل معه ألف درهم. فحملت. وأقبل بجكم عليّ من بين يديه، فقال لهم: ما أظنه يقبلها وهذا متخرق بالعبادة أيش يعمل بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن جاء الغلام فارغ اليد. فقال له بجكم: هل أعطيته إياها؟

قال: نعم.

فقال بجكم: كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف". (المنتظم14/12).

يا دول الخليج العربي لقد خُدعتم مرارا وتكرارا، اتعظوا يرحمكم الله! والله الذي لا إله الا هو، لو كسيتم شوارع العراق بالذهب بدلا من القير، ما مال اليكم ولا شكركم زعماء العراق ومراجع الشيعة ولا أتباعهم. عندما قررت السعودية بناء مدينة رياضة في البصرة باسم جلالة الملك، سخر أهل البصرة وقالوا ما أن يتم اكمالها سنغير اسمها الى (مدينة الخميني الرياضية).

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,346

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"