هيئة علماء المسلمين تستعرض واقع الوقف الإسلامي في العراق والمخاطر التي تهدده

نظّم القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق ندوة بحثية بعنوان:((الوقف الإسلامي في العراق.. واقعه، وأثره في خدمة المجتمع، والمخاطر التي تهدده))، بحضور ومشاركة عدد من الباحثين والكتّاب والناشطين في الشأن العراقي.

واشتملت الندوة التي أدارها مقرر القسم الدكتور (ثامر العلواني)؛ على محورين: تناول الأول منهما تجربة عملية ناجحة لإدارة الوقف في العراق، في ضوء ورقة قدّمها الدكتور (إدهام محمد الحنش) المدير الأسبق لأوقاف الموصل؛ الذي تحدّث عن طبيعة الأوقاف في العراق وخصائصها، مبينًا العوامل والضوابط الأساسية التي ينبغي أن تُدرا بها ملفات الأوقاف.

واهتمت الورقة بعرض تجارب واقعية لحقبة معينة من تأريخ العراق في كيفية التصرف بالأوقاف وإدارتها والعناية بها، إذ كشفت بالأرقام والإحصاءات أمثلة عديدة وإجراءات تم اتخاذها في إدارة أوقاف الموصل شمالي العراق في العقود التي سبقت احتلال البلاد، بهدف بيان حجم الأضرار التي طالت الأوقاف بعد تسلط أحزاب العملية السياسية عليها، بموازاة الفساد الذي استشرى في المؤسسات الحكومية، وفي دوائر ورئاسات ديواني الوقف على وجه الخصوص.

وفي المحور الثاني من الندوة؛ قدّم مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين الدكتور (مثنى حارث الضاري) ورقة بحثية وتوثيقية اهتمت بـ(طبيعة الوقف وأثره في خدمة المجتمع والمخاطر التي تهدده)، والتي ابتدأها بالحديث عن أهمية عقد هذه الندوة والموضوع الذي تتناوله في هذا الوقت، مشيرًا إلى ما يشهده حال الأوقاف الإسلامية في العراق من محاولات خطيرة للاستيلاء عليه وتفتيت ركائزه.

وقال الدكتور الضاري في هذا الصدد: (إن درجة الواقف أعلى من المتصدق؛ لأن وقفه سيبقى يدر الأرباح على المستحقين والمحتاجين مع بقاء العين الموقوفة إلى قيام الساعة.. وهذا ما يميز خصوصية الوقف في ديننا الحنيف، وكأن الواقف فتح حسابًا لا يغلق ولا يتوقف تودع فيه حسنات تضاف لصحيفته، وفي الوقت نفسه فتح بابًا للخير ينتفع منه إخوانه المسلمين على مدى العصور).

وأجرى الدكتور الضاري بعد ذلك قراءة نقدية في (قانــــون ديـــوان الوقـــف السنـــي) الذي جرت صياغته بعد احتلال العراق، مستعرضًا أهم المآخذ عليه، ومُسقطًا ما فيه من مواد على أرض الواقع للمقارنة مع ما هو حاصل في الحقيقة التي تتقاطع تمامًا مع النظريات المدرجة ضمن القانون.

وتضمنت ورقة الدكتور (مثنى الضاري) تحليل بيان هيئة علماء المسلمين في العراق الذي صدر مؤخرًا بشأن عائدية الأوقاف والمساجد وحسم أملاك وزارة الأوقاف المُلغاة التي تتعزم حكومة بغداد التلاعب بها عبر اتفاقات مع إدارتي الوقفين السني والشيعي، مؤكدًا على أن حجم المؤامرة على الأوقاف الإسلامية في العراق كبير، وأنها الأخيرة محل طمع لجهات كثيرة قديمة وجديدة.

وبيّن الدكتور الضاري أن (ديوان الوقف) يشهد حاليًا ترسيخًا للسياسات غير الصحيحة في إدارته، والتصرفات غير المنضبطة في تسييره، والإهمال شبه المتعمد في متابعة أموره، ويعاني من التصرف غير المنضبط بأمواله، بعيدًا عن الحجج الشرعية للواقفين والسياقات القانونية والإدارية المرعية في هذا المجال، فضلاً  عن التضييع المستمر لحقوق الجهات المكلف شرعًا وقانونًا برعايتها، من مساجد وعاملين فيها وأوقاف ومؤسسات، ودخوله مجالات أخرى لا علاقة لها بطبيعة نشاطه والمهام الموكلة إليه، كالانحياز السياسي والصراع الحزبي والتنافسي المناطقي والعلاقات الخارجية المريبة.

وحذر الدكتور (مثنى الضاري) من محاولات مناصفة الأوقاف الإسلامية في العراق بين إدارتي الوقفين (السنّي والشيعي) التابعين لحكومة بغداد؛ مبينًا أن القاعدة تنص على أن الوقف على شرط الواقف، ولا يمكن الخروج عن شرطه أو طلب إذنه وقد مرّت مئات السنين على وفاة الواقفين في مختلف مناطق البلاد! مؤكدًا أن العملية السياسية والمؤسسات المرتبطة بها هي من جعلت الشعب العراقي مكونات وطوائف؛ بعدما كانت الأوقاف واحدة ويستفيد من ريعها كل العراقيين.

واستعرض مسؤول القسم السياسي لمحة تأريخية عن أوقاف العراق منذ تأسيس الدولة العراقية أوائل القرن الماضي ولغاية احتلال الولايات المتحدة للبلاد، موثقًا صورًا مشرقة وإجراءات منضبطة اتبعت في العقود الأولى في صيانة الأوقاف وإدارتها الرصينة، والتحذيرات المستمرة ـ رغم كمية الحرص والرقابة التي كان يبديها علماء دين وسياسيون وغيرهم ـ من محاولات خرق أصولها وضوابطها.

وبشأن ما جرى بعد احتلال العراق؛ استشهد الدكتور الضاري في ختام ورقته بوثائق وأحداث تُظهر الممارسات التي تورطت بها أحزاب سياسية وشخصيات متنفذة في التفريط بالأوقاف والتنازل عنها لتحقيق مآرب وغايات الإرادات المتحكمة بالمشهد العراقي، ومن ذلك بيع العقارات المحيطة بمرقد سامراء، والفساد المالي والإداري الذي يتزايد في دوائر الوقف وإدارته.

 وأجرى بعض الحاضرين مداخلات سجّلوا فيها شهادات ذات صلة بأوقاف العراق في العقود الخمسة الأخيرة، إلى جانب اقتراحات ورؤى في كيفية علاج الأزمة التي تعصف بالأوقاف الإسلامية العراقية والتخفيف من تداعياتها.

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,410,516

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"