يعاني المواطن الإيراني من أزمات عديدة ومعقدة، من اهمها أزمة الذهب الأزرق أو أزمة شحة المياه والجفاف التي تواجه إيران في الوقت الحاضر وستتضاعف في السنوات القليلة المقبلة.
ورغم هطول الأمطار الغزيرة في أكثر الفصول في إيران ألا أن جفاف الأنهار والبحيرات والمياه السطحية تعتبر من أهم التحديات التي تواجه المواطنين وحياتهم اليومية.
وتعاني الآف القرى ومئات المدن في إيران من أزمة مياه الشرب، بل أصبحت الآف القرى مهجورة بسبب افتقارها إلى شبكات مياه الشرب، وفقا لتصريحات العديد من المسؤولين الأيرانيين. ونشرت وكالة فارس للأنباء تقريرا يفيد بان ٩٠٪ من قرى بلوشستان (١٢٠٠ قرية) و٨٠٪ من سكان مدينة شابهار الساحلية (٣٠٠ الف نسمة) لا تتوفر لديهم شبكات مياه الشرب.
وفقا للمعهد الدولي لإدارة المياه، أن إيران ستواجه أزمة المياه الجوفية حتى عام ٢٠٢٥. وصنفت صحيفة واشنطن بوست إيران ضمن ٢٤ بلد في العالم التي فيها وضع المياه خطير للغاية. وتشير التقاير التي تنشرها وكالات الأنباء الأيرانية إلى إن ٢٢ محافظة إيرانية تواجه الجفاف، و١٦ محافظة منها ستواجه الجفاف الشامل في السنوات القليلة المقبلة. بل الأمر اخطر من ذلك حيث بعض المدن في إيران تعتبر ميتة هيدروجيا، مثل نيشابور ورفسنجان وشاهرود و.. وذلك بسبب عدم وجود إمكانية لتخزين المياه في الأرض حتى مع إرتفاع هطول الأمطار.
وأعترف وزير الطاقة الإيراني إن 59 مدينة إيرانية في وضع خطير وذلك بسبب شحة المياه والإفتقار إلى الأمكانيات والمعدات لتوفير المياه لتلك المدن. وفي نفس السياق أعترف نائب حاكم محافظة أردبيل في الشؤون العمرانية بشحة مياه الشرب لحوالي ٥٧٢ قرية في المحافظة.
أسباب عديدة وراء الجفاف وأزمة المياه في إيران أهمها:
ـ الفساد الإداري والفشل في إدارة النظام البيئي المائي: تقع إيران وفقا للمؤسسات الدولية في ذيل دول العالم من حيث إدارة النظام البيئي المائي. (رتبة إيران ١٣١ من اصل ١٣٢ دولة).
ـ بناء السدود لأغراض سياسية وأمنية وعسكرية وبطريقة غير علمية: بنى النظام الإيراني عددا كبيرا من السدود على الأنهر خاصة في الأحواز لأهداف وأغراض سياسية وأمنية دون ان يأخذ بعين الأعتبار المخاطر البيئية والمعيشية التي ستترتب على مواطني تلك المناطق. وبسبب تلك السدود على الأنهر في الأحواز (كارون، الكرخة، الدز، الجراحي و.. ) جفت العديد من الأراضي الزراعية مما أدى إلى هجرة أهالي مئات القرى في الأحواز إلى المدن. بالإضافة إلى تجفيف هور الحويزة بشكل متعمد من أجل التنقيب عن النفط وإستخراجه من هناك. ووصلت الملوحة في سد كتوند على نهر كارون بنسبة 5.3% ضعف ملوحة بحر العرب. وهذا يثبت بان بناء السدود تتم بطريقة غير علمية وغير تخصصية.
ـ مشاريع الحرس الثوري: أعترف رئيس لجنة الزراعة في البرلمان الإيراني “علي كيخا” عبر وكالة مهر للأنباء أن الحرس الثوري الإيراني قام ببناء سدود غير تخصصية بهدف نقل المياه إلى معامل صنع الأسلحة والصواريخ.
ـ السياسات الخاطئة والمشاريع الفاشلة: وفقا لتصريح المسؤولين الإيرانين سحبت حكومة أحمدي نجاد (٢٠٠٥-٢٠١٣) ٧٥ مليار متر مكعب لمشاريع فاشلة. وتشكل تلك النسبة من المياه أكثر من ضعفي المياه المستخرجة خلال ٢٧ سنة الماضية.
وبسبب تلك السياسات الخاطئة واللامبالاة بحياة البيئة والبشر التي يتخذها النظام الإيراني، جفت العديد من البحيرات والأنهر في إيران أهمها:
ـ بحيرة أرومية ، كانت تغطي مساحة ٥٢٠٠ كيلو مربع وقبل جفافها كانت تعد أكبر بحيرة في الشرق الأوسط، جفت نسبة ٩٥٪ منها. و ستختفي تماما خلال الثلاث سنوات المقبلة، وفقا لتحذيرات علماء البيئة في إيران.
ـ بحيرة هامون، كانت قبل ١٥ عاما تعد سابع منطقة رطبة في العالم تغطي اربعة الاف كيلومتر مربع.
ـ هور الحويزة: جفت نسبة كبيرة منه بسبب سياسات الحرس الثوري الإيراني في محاربة الشعب العربي في الأحواز بقطع مصادر رزقه من جهة ومن أجل التنقيب عن النفط بشكل عشوائي.
ـ أنهار كارون والكرخة والجراحي: تجف بنسبة كبيرة جدا خاصة في فصول الصيف والخريف والشتاء بسبب قطع المياه عنها من خلال السدود التي بناها النظام الإيراني لأغراض سياسية و أمنية تجاه الشعب العربي الأحوازي.
ـ نهر زايندة رود في إصفهان: جفت مياه هذا النهر تماما بسبب فشل النظام الإيراني في ادارة النظام البيئي والمائي في البلاد. وبعد الإحتجاجات الواسعة التي قام فيها المزارعون في إصفهان خلال السنوات الماضية، قام النظام الإيراني بتنفيذ عدة مشاريع لنقل مياه نهر كارون في الأحواز إلى نهر زايندة رود في إصفهان.
النتيجة:
قال “عيسى كلانتري” مساعد الرئيس الإيراني “حسن روحاني” في شؤون المياه ورئيس منظمة الدفاع عن البيئة: بسبب الفساد الإداري والأخطاء في الحسابات والتخطيط تم إستنفاد ٩٧٪ من المياه السطحية في إيران، ومن المفترض اللا تتجاوز ٤٠٪. ونتيجة لتلك السياسات وتداعياتها سيضطر خمسون مليون إيراني نحو ٧٠٪ من السكان إلى الهجرة خارج البلاد خلال السنوات المقبلة.