«هيومن رايتس ووتش»: طرد أكثر من ألفي نازح قسراً من مخيمات نينوى في أقل من أسبوعين

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أمس الأربعاء، السلطات العراقية بـ«طرد» أكثر من ألفي عراقي «قسراً» من مخيمات النازحين في نينوى، منذ 23 آب/أغسطس 2019.

ووفقاً لتقرير نشرته المنظمة على موقعها الرسمي، فإن البعض أجبر على العودة إلى مناطقهم الأصلية رغم المخاوف حيال سلامتهم، بما فيها التهديد من جيرانهم السابقين الذين يعتقدون أن لهم علاقة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، مؤكداً مهاجمة بعضهم منذ إجبارهم على العودة إلى ديارهم، فيما منعت السلطات في نينوى تحرك أُسر حاولت مغادرة المخيمات لتجنب الطرد.

التنقل بحرية

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في «هيومن رايتس ووتش»: «يحق للنازحين، كما جميع العراقيين، التنقل بحرية في بلادهم واختيار الأماكن التي يرونها آمنة للعيش. لا يمكن للسلطات نقل أشخاص دون استشارتهم أولا، لا سيما إلى أماكن يتعرضون فيها وعائلاتهم للخطر».
كما أعلنت السلطات في صلاح الدين عن خطط لإغلاق مخيمات النازحين مع إجبارها الناس بالفعل على العودة إلى محافظاتهم الأصلية.
في أوائل تموز/يوليو، أصدر «مجلس الأمن الوطني»، الذي ينسق استراتيجية الأمن القومي والاستخبارات والسياسة الخارجية في العراق، القرار 16. ورغم أن القرار لم يُنشر علنا، لكن وصف مسؤولون مضامينه في رسائل إلى المنظمات الإنسانية.
ويأمر القرار بمغادرة مَن هم مِن خارج نينوى، وتعدادهم على الأقل 38.040 شخص، المخيمات في المحافظة، كما يفرض على قوات الأمن إنشاء قاعدة بيانات للسكان وعزل الأسر التي ينظر إليها على أنها مرتبطة بالتنظيم.
ويدعو القرار لزيادة الأمن لمنع الناس من دخول المخيمات أو مغادرتها دون إذن، وتعيين المزيد من رجال الشرطة في المخيمات للسيطرة على حركة الناس وتقييم عمل المنظمات غير الحكومية العاملة في المخيمات والتدقيق فيها.
واستجابةً للقرار، بدأت السلطات بعمليات تدقيق في جميع أنحاء مخيمات نينوى، حيث قال عاملو إغاثة إن في 21 آب/أغسطس، أبلغ مسؤولو وزارة الهجرة والمهجرين عمال إغاثة في مخيّمين، حيث انتهت عمليات الفحص في نينوى، عزمهم على طرد القاطنين من المحافظات الأخرى، بدايةً من الأنبار.
وفي 23 آب/أغسطس، طردت قوات الأمن في قيادة عمليات نينوى 36 عائلة من الأنبار، ومعظم معيلاتها نساء، بإجمالي 150 شخصا، وأعادتها إلى مناطقها الأصلية في الأنبار ضد إرادتها أو السماح لها بإحضار ممتلكاتها.
وحسب تقرير المنظمة فإن العائلات «أبلغت أنها ستُنقل إلى مخيم في الأنبار، حسب ما قالت 3 عائلات منها لهيومن رايتس ووتش. واتصلت العائلات بموظفي الإغاثة للتعبير عن مخاوفها عندما وجدت أنها أُعيدت في الواقع إلى ديارها، وحاول عمال الإغاثة التدخل دون جدوى». وقال عامل إغاثة في الرمادي إن «إحدى العائلات فرت إلى مخيم للنازحين على بعد 25 كيلومتر، بعد أن هدد السكان المحليون بقتل أفرادها لانتمائهم المفترض إلى داعش. وتعيش 16 عائلة أعادتها قوات الأمن قسرا في منطقة الحديثة منذ 25 آب/أغسطس في مدرسة عامة محاطة بالشرطة على بُعد ثلاثة كيلومترات تقريبا لشعورها بالخوف»، على حد قول اثنين منها لـ«هيومن رايتس ووتش».

وأكدت المنظمة أن «في 28 آب/أغسطس ألقى شخص قنبلة يدوية على المدرسة. لم يصب أحد في الداخل».
وقال عاملا إغاثة إن في مكان آخر في الأنبار، بينت قوات الأمن المحلية إنها منعت ست عائلات على الأقل من دخول مسقط رأسها لانتمائها المفترض إلى التنظيم. وأوضحا أن العديد من العائلات اتصلت بمجموعات الإغاثة طلبا لمساعدتها في الانتقال إلى المخيمات القريبة لشعورها بالخوف.
ولم يكن لدى إدارة المخيم الوقت الكافي لإصدار رسائل مغادرة لعائلات الأنبار المُرَّحلة لمساعدتها على تجاوز نقاط التفتيش، والحصول على تصاريح أمنية في المناطق التي عادت إليها، والتقدم بطلب للحصول على الأموال المتوفرة للأسر العائدة.
وبعد عمليات الطرد، بدأت عائلات أخرى من خارج نينوى بمغادرة المخيمات لتجنب الطرد، لكن في 25 آب/أغسطس، أمرت الفرقة 16 في الجيش العراقي إدارة مخيمين على الأقل بمنع العائلات من المغادرة، حسب التقرير الذي نقل عن ثلاثة أفراد من العائلات وعمال إغاثة قولهم إن «الجيش أجبر بعض العائلات المغادِرة على العودة إلى المخيمات تحت تهديد الاعتقال».
وفي 28 آب/أغسطس، طردت قوات الأمن بالقوة من نفس المخيمات 151 عائلة (610 أشخاص على الأقل)، أصلهم من الحويجة، وهي منطقة في غرب كركوك لا تزال تعاني من هجمات داعش والعمليات العسكرية، إلى مخيمات في منطقة كركوك، حسب عامل إغاثة هناك، ما تسبب في نقص الغذاء في المخيمات التي نُقلوا إليها.
لكن قال عاملا إغاثة لـ«هيومن رايتس ووتش»، إن «محافظ كركوك وافق فيما بعد على السماح للعائلات بالاستمرار في العيش في المخيمات هناك، بدلا من إجبارها على العودة إلى ديارها».
كما طردت قوات الأمن 671 شخصا من مخيمات نينوى إلى مخيم في صلاح الدين في 31 آب/أغسطس.
وقالت عائلتان إن «في صباح اليوم التالي لوصولهما، أصابت قنبلتان سياج المخيم»، في حين قال رجل (50 عاما) إنه «شعر وعائلات أخرى بالخوف بعد أن حثت مواقع التواصل الاجتماعي السكان المحليين على الاحتجاج على وجود العائلات، مع احتواء بعضها على تهديدات مبطّنة بالإعدام».

مخاوف أمنية متزايدة

وأشار عمال إغاثة مطّلعون، حسب التقرير، إلى أن «قوات الأمن نقلت العائلات إلى مخيم آخر في صلاح الدين في 2 أيلول/سبتمبر بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة للعائلات. قام السكان في موقع المخيم الجديد باحتجاجات عندما سمعوا بوصول العائلات».
وفي 2 أيلول/سبتمبر، طردت السلطات 481 شخصا آخرين من مخيمات نينوى إلى صلاح الدين، بعد تركهم ينتظرون الحافلات زهاء خمس ساعات بلا حمّام أو طعام.
وأخبر نائب محافظ صلاح الدين، التي تضم حاليا 105,390 نازح، عمال الإغاثة في حزيران/يونيو أنه «يستهدف إغلاق معظم مخيمات النازحين ومواقع الإقامة غير الرسمية بحلول أوائل أيلول/سبتمبر، مع تصريحات من المسؤولين المحليين في أواخر آب/أغسطس وأوائل أيلول/سبتمبر أنه سيتم إغلاق مخيمين على الأقل بحلول أوائل أيلول/سبتمبر».
وبحلول 24 آب/أغسطس، طردت قوات الأمن أكثر من 500 أسرة من مستوطنة غير رسمية في صلاح الدين، حسب عامل إغاثة.
وتضمن «المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن النزوح الداخلي» حقوق النازحين في حرية الحركة واختيار مكان إقامتهم، وكذلك حقهم في التنقل بحرية داخل المخيمات وخارجها.
وطبقاً للمنظمة الدولية: «ينبغي للسلطات في العراق ألا تجبر الناس على العودة إلى أماكن محددة أو البقاء فيها، واحترام حقهم في حرية الحركة. ينبغي لها فورا تسهيل عودة العائلات التي ترغب في العودة إلى مناطق غير متأثرة بالعمليات العسكرية الجارية. وإذا لم تستطع السلطات ضمان سلامة الأسر، ينبغي لها السماح للعائلات بالبقاء في المخيمات أو الانتقال إلى أخرى تتيح حرية الحركة أو إلى مناطق أخرى يمكن للسلطات حمايتها بالشكل الكافي».
وتماشيا مع هذه المعايير، «ينبغي للسلطات ضمان إخطار النازحين قبل سبعة أيام على الأقل من عمليات إجلائهم وعرض مجموعة من الخيارات التفصيلية لمساعدتهم في الانتقال بأمان. ينبغي للسلطات ضمان أن يكون لدى إدارة المخيم الوقت لإصدار رسائل المغادرة اللازمة للسفر، وإعادة التوطين، والتقدم بطلب للحصول على المساعدة، وقدرة الناس على أخذ ممتلكاتهم معهم».
وقالت فقيه: «خلال الأسبوعين الأخيرين، نقلت الحكومة فعليا أشخاصا إلى أماكن يُستهدفون فيها بقنابل يدوية ويُهددون بالقتل. قبل أن يستقل الناس الحافلات الحكومية لنقلهم خارج المخيمات، ينبغي للسلطات توضيح وجهة الحافلات كي تتمكن العائلات من اتخاذ قرار مستنير بشأن سلامتها».

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,411,985

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"