مفوضية حقوق الإنسان في العراق: 200 مقبرة جماعية لضحايا «الدولة» في نينوى

كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان (خاضعة للبرلمان)، عن وجود 200 مقبرة جماعية في العراق، من ضحايا «الدولة الإسلامية»، تضم رفات نحو 12 ألف ضحيّة، وفيما أشارت إلى أن عدد المطلوبين للقضاء بتهم إرهابية في محافظة نينوى يبلغ نحو 100 ألف شخص، أكدت أن عدداً من النساء والأطفال الذين اختطفهم التنظيم تم الاتجار بهم، وهم يتواجدون الآن في دول الخليج وأخرى أوروبية.

وقال عضو المفوضية، علي البياتي، «حسب اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري التي وقّع عليها العراق في 2009، فإن عملية إخفاء أي شخص من قبل موظف حكومي أو جهة تعمل بعلم جهة حكومية تُصنّف على إنها اختفاء قسري»، مبيناً أن «عندما نقول إن هنالك أشخاصا مختفين قسراً، فإن ذلك يعني أننا نشير إلى الجهات الحكومية والجهات الأخرى العاملة بعلم الحكومة».

اختفاء قسري

وأضاف: «أما المفقودون فهم الأشخاص الذين تنقطع علاقتهم بذويهم. بشكل عام لا توجد أرقام رسمية في العراق بشأن أعداد المختفين قسراً، باعتبار أن هذا الموضوع يحتاج إلى تحقيق، وأن تقوم عائلة الضحية بتقديم شكوى إلى الجهات المعنية تشخّص فيها إن الشخص المعني قد فقد، وإن الجهات التي أخفته قسرياً هي جهات حكومية أو تعمل بالتعاون مع الحكومة».
وأكمل: «الآلية القانونية للتعامل مع هذا الملف هو أن تتسلم المفوضية الشكاوى وتحقق فيها وتحيلها إلى الادعاء العام الذي يحيلها بدوره إلى محاكم حقوق الإنسان»، موضّحاً إن «المشكلة هي إن هذه العائلات لم تصل إلى الجهات الرسمية، إما بسبب عدم وجود ثقة أو معرفة بالجهات التي تحقق، أو لأسباب أخرى منها إن تكون هذه الأسماء ليسوا من المختفين قسراً».
وأشار إلى أن الأرقام الرسمية تؤكد «وجود أكثر من 200 مقبرة جماعية نتيجة جرائم داعش في عموم العراق، تحتوي على 12 ألف ضحية»، منوهاً أن «هذه المقابر تتركز في المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة».
وأكد أن «حتى هذا اليوم لم نتمكن من معرفة هوية الضحايا الموجودين في هذه المقابر»، لافتاً إلى أن «المقابر التي تم الكشف عنها لم تصل إلى نصف الرقم المذكور».
وتابع: «حسب المعلومات، فإن هنالك 100 ألف شخص مطلوب (في نينوى) بتهم إرهابية»، مشيراً إلى أن «هناك أكثر من 7 آلاف شخص (من الأقليات) تم خطفهم من قبل التنظيم، وإن نصف هذا العدد لم يعد حتى الآن».
ومضى إلى القول إن «هؤلاء لا يمكن اعتبارهم مختفين قسراً، لأن داعش ليس جزءاً من الحكومة أو متعاوناً معها. هؤلاء مفقودون تم اختطافهم»، مبيناً أن سياسة التنظيم في التعامل مع الأقليات وبعض العشائر السنّية المتمردة على التنظيم «تتمثل باختطافهم، ومن ثم عزل الرجال وقتلهم، فيما يأخذون النساء كسبايا وبيعهن».
وطبقاً له فإن «الرجال أغلبهم قتلوا. هناك نحو 600 رجل وطفل من المكون التركماني تم اختطافهم ولا يُعرف مصيرهم حتى الآن. أغلب المعلومات تقول إنهم في مقابر جماعية في بتلعفر (غرب الموصل)»، منوهاً أن «العائدين منهم عادوا بفعل جهات حكومية أو غير حكومية وشرائهم بالمال، كما حدث مع الأيزيديات».
وعرّج إلى ملف الأيزيديين بالقول: «نحن ندرك حجم الضرر الذي لحق بالمكون الأيزيدي على يد داعش. هم تعرضوا لدمار كبير وقتل وتهجير وسبي للنساء، لكن هذا لا يعني بأن في حال وجود مجتمع آخر تعرض إلى نفس المعاناة بعدد أقل يتم إهماله»، موضّحاً أن «المؤسسات العراقية والدولية لم تتعامل مع المجتمعات الأخرى مثلما تعاملت مع الأيزيديين».

وزاد: «الأمم المتحدة وثّقت وجود ألف و200 تركماني في تلعفر تم اختطافهم، بينهم 600 امرأة وفتاة و120 طفلاً. الحكومة العراقية وثّقت ذلك أيضاً، لكن لم يتم التفاعل مع الموضوع. عندما خاطبنا إحدى الجهات العراقية التابعة لإقليم كردستان والتي كانت تعمل لاستعادة الأيزيديات، ذكروا لنا أن الموضوع سياسي ولا يستطيعون استرجاع التركمانيات».
وأشار إلى معلومات لدى المفوضية تفيد أن «النساء والأطفال الذين لم يعودوا حتى الآن، تم الاتجار بهم، وهم إما في دول الخليج أو في دول أوروبية. أغلب الأطفال من قضاء تلعفر، خصوصاً من كانت أعمارهم في 2014 دون السنتين، هم في أوروبا اليوم. عناصر داعش المنتمين إلى دول أوروبا الشرقية أخذوا أعدادا كبيرة من الأطفال معهم»، منوهاً أن هذه العملة «إما أن تكون ممنهجة، وفي هذه الحالة ستدخل من باب الإبادة الجماعية، أما إذا كانت غير ممنهجة، فإنها تعود للكثير من العائلات التي دخلت مع داعش (نساء، ورجال) كان التنظيم يمارس عمليات جذب لهم، إما بالنساء أو المال أو السلاح أو الأطفال. فمن يربي طفلاً لا يتجاوز عمره العامين، ويبقى معهم لسنوات لن يتخلى عنه بسهولة».
وتابع: «حتى هذه اللحظة، هناك بعض العائلات المنتمية لداعش هربت ويتواجدون في تركيا ولديهم أطفال من هذه المناطق (من الإيزيديين أو من أبناء تلعفر)، ولا يقبلون باسترجاعهم»، مبيناً: «كان لدينا 120 طفلا تركمانيا في دار أيتام في مدينة الموصل، فضلاً عن نساء. داعش قام بتزويج من هنّ فوق الـ18 عاماً، فيما قام ببيع الآخرين من دون ذلك السنّ. في وقتها يمكن لأي عائلة أن تشتري طفلاً. هؤلاء الأطفال أصبحوا جزءاً من هذه العائلات، وتحديداً في نينوى». وتحدث عضو مفوضية حقوق الإنسان عن «اختفاء قسري لنحو مليون شخص، قبل عام 2003، تم كشف العدد الأكبر منهم من خلال المقابر الجماعية للنظام السابق»، لافتاً إلى إن بعد عام 2003 وحتى عام 2019، فإن «عدد الضحايا الذين أغلبهم متوفون، وصل عددهم إلى 106 آلاف شخص. العدد الأكبر للضحايا كان عام 2006، وبدأ العدد في التراجع حتى وصل في 2012 إلى نحو 12 ألفاً، وارتفع في 2014، لكنه سرعان ما عاد إلى التراجع في 2018 وفقاً لآخر إحصائية إلى أكثر من ألفي شخص، فيما سجّلت الأشهر الأولى من عام 2019 نحو ألف و300 شخص».
وأضاف: «أكثر المحافظات تضرراً بعد عام 2014 هي محافظة نينوى. العدد الأكبر من الأرقام التي ذكرتها هي في نينوى»، لافتاً إلى إن «العدد الأكبر من الضحايا هم قبل عام 2014، بكون إن عامي 2006-2007 كان عدد الضحايا كبير جداً تجاوز الـ20 ألفاً». وعن ملف الجثث المجهولة الذي أثير مؤخراً في ناحية جرف الصخر في بابل، أوشح «للأسف الشديد، جميع المطالبين بحقوق المفقودين أو المختفين قسراً، لا يسلكون الطرق القانونية ولا يدفعون المواطن لسلوك هذه الطرق، بل يتم التعامل مع الموضوع إعلامياً وعبر التصريحات السياسية»، منوهاً أنه «وفقاً لمعلومات المفوضية، فإن هذه الجثث تم العثور عليها بمواقع مختلفة من محافظة بابل وفي أوقات مختلفة».

تشريح الجثث

وواصل حديثه قائلاً: «7 من هذه الجثث تم العثور عليها عام 2019، و17 في عام 2018، و8 في عام 2017، وجثة واحدة في 2016»، لافتاً إلى إن «الطب العدلي قام بتصوير بصمات هؤلاء وأخذ عيّنة الدي إن إي».
وأكمل: «قانون الصحة العامة لعام رقم (89) لعام 1981، ينص على إنه في حال وجود جثث مجهولة الهوية لدى الطب العدلي، وبعد إجراء التحقيقات اللازمة، وبعد (90 يوماً) وفي حال عدم مراجعة أي جهة تابعة لذوي الضحية، يقوم الطب العدلي بمفاتحة كليات الطب لغرض الاستفادة من هذه الجثث في موضوع التشريح، حسب القانون»، مشيراً إلى إن «ما حدث هو مخالف للقانون، بتسليم الجثث إلى منظمة مدنية، وظهور الشخص الذي يمثل هذه المنظمة في الإعلام وحديثه بأن هذه الجثث هم لمغدورين في جرف الصخر». ورأى أن «هناك جملة أسباب تحول دون عودة أهالي جرف الصخر إلى منطقتهم، بنها سياسية وأمنية، فضلاً عن المشكلات داخل مكونات هذه المنطقة والمناطق المحيطة بها. هناك من انتمى لداعش أو القاعدة، وهناك من أصبحوا حواضن للإرهاب لضرب المناطق الأخرى». ومضى إلى القول: «حتى الآن لم نصل إلى مستوى تستطيع فيه القوات الأمنية مسك الأرض بشكل كامل، حتى يمكن لها أن تعتمد على المعلومات الاستخباراتية الاستباقية. هناك مناطق في المحافظات المحررة تشهد عمليات إرهابية، وتهديدات للعائلات المتعاونة مع الحكومة، كما في نينوى والأنبار ومناطق أخرى».

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,413,432

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"