ما هو موقفنا لو ثبت اعتداء الصهاينة على مواقع في العراق؟

مصطفى كامل

يتساءل البعض عن موقف القوى والشخصيات الوطنية المناهضة للاحتلال وعملائه في العراق إذا صحَّت الأخبار القائلة إن العدو الصهيوني هو من ضرب مقرات ومستودعات سلاح ميليشيات إيران الإرهابية في العراق.

 

ولبيان الموقف، وبقدر تعلق الأمر بي شخصياً، فانا أرى الأمر من منظورٍ مفاده أن ظالماً ضرب ظالماً، وليس لشعب العراق دورٌ لا في منع العدوان ولا في استجلابه.

بدءاً علينا التأكيد أن الصهاينة مشتركون فعلياً في العدوان على العراق منذ العام 1991، على الأقل، ولذلك قررت القيادة العراقية حينها توجيه 43 ضربة صاروخية على أهداف العدو الصهيوني في مناطق النقب وتل أبيب وحيفا ويافا، وغيرها وألحقت بها خسائر جسيمة.

ويعرف الجميع أن لا سيادة للعراق منذ احتلاله عام 2003، فقد استبيحت حدودنا وباتت بلادنا ساحة نفوذ وحروب مخابراتية واستخبارية وتصفية حسابات بين كثير من الأطراف الإقليمية والدولية، كما يعرف الجميع أن إيران لا تخفي رغبتها في جعل الأراضي العراقية ساحة لتصفية حساباتها مع من تريد، بل هي تُعلن ذلك وتكرر الإعلان عنه بتبجح ومن أعلى مستويات مسؤوليها العسكريين والأمنيين والسياسيين.

فضلاً عن ذلك، فالضربات الصهيونية، إن صحّت، لا تستهدف مواقع ذات صلة بشعب العراق، فهي غير موجهة لمحطات توليد الطاقة الكهربائية ولا محطات ضخِّ مياه الشرب أو الصرف الصحي، ولا المستشفيات ومخازن الغذاء وصوامع الحبوب، كما أنها غير موجهة لمساكن المواطنين أو دور عبادتهم أو منشآتهم الحيوية، كما فعلت الولايات المتحدة من قبل. إنها ضربات تستهدف حصراً، وأكرر القول حصراً، مستودعات سلاح عصابات الحشد الشعبي التي يتخذها الحرس الثوري الإيراني المحتل مقرات متقدمة له وتحتوي على أسلحة إيرانية مهيئة للاستخدام في حال حدوث احتكاك ساخن بين الايرانيين والأميركان.

ومن المؤكد أن استخدام إيران أسلحتها ضد الأميركان في العراق عمل إرهابي مجنون سيؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بشعب العراق، دون أن يُلحق بالولايات المتحدة أي ضرر جدي لا على الصعيد المادي ولا على صعيد الخسائر البشرية، حتى لو سقط جندي هنا أو هناك ولو تضررت آلية أو أعطبت.

وتبعاً لذلك لا يوجد مبرر لمطالبتنا، كقوى وشخصيات وطنية مناهضة للاحتلال ومشروعه، بموقفٍ في هذا الصدد، فنحن محارَبون مطارَدون مجتَثون، أسرى ومقتولون، بل أن جثث أهلنا تُرمى على قارعة الطريق ويتم التعامل معها باعتبارها جثثاً لمجهولين ويجري تبرئة السفاحين من المسؤولين في رأس العصابة المتحكمة بشؤون البلاد وأرواح وأرزاق العباد، وعليه فليس من الضروري أن نُبدي موقفاً في كل شيء يحدث هنا أو هناك.

هذا أمر لا يعنينا، لأن أحداً، ابتداءً، لم يسألنا رأياً في قبول أو رفض جعل العراق ساحة حروب إيرانية، وليس لنا القدرة على منع ذلك، أصلاً.

النظام العميل هو من فرّط بسيادة العراق وأمنه واستقراره، وهو من فتح الباب للعدو الفارسي ليجعل العراق ساحة لتصفية حساباته مع أميركا والعدو الصهيوني، أو الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية ونفوذ لأغراضه الخاصة التي لا علاقة لها بشعب العراق ولا بمصالحه ولا بأمنه الوطني والقومي، ولا تحقق للعراقيين أمناً ولا رفاهية ولا تحافظ على سيادة بلدهم.

بالتأكيد نحن لن نشجّع العدوان، ولن نحتفل به، فليس حتمياً أن يكون عدو عدوي صديقاً لي. عدو عدوي في هذه الحالة هو عدوي أيضاً لكنني لن أقف ضده خدمة لمصالح عدوي الآخر الذي يستبيح دمائي وينتهك أعراضي ويسرق أموالي ويغيّر هويتي العقائدية ويجتثني من الأرض.

سندين العدوان، عندما يصدر إعلان رسمي من العدو الصهيوني يعترف بذلك، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وسنحمّل العملاء المسؤولية عنه، فهم من استجلبوا الغزاة من كل حدبٍ وصوب، بل أن بعضهم ذهب إلى الكيان الصهيوني للتعجيل بغزو العراق وتبرع بمعلوماتٍ زائفةٍ للتحريض عليه، وربما آن أوان انقلاب السحر على الساحر، وكل ما هو آتٍ قريب.

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,411,098

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"