في انتظار ضربة موجعة لإيران

جمال بنون

التحركات الأخيرة في منطقة الخليج والاستعدادات العسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة من وصول حاملات الطائرات والصواريخ إلى الخليج العربي، وإعلان دول الخليج الموافقة على إعادة انتشار القوات الأميركية، ليست «مُزحةً» أو تصريحا صحافيا للاستهلاك الإعلامي، أو أنها «تحركات» ستمضي يومين وتعود، فهذه القوات وهذا الحشد العسكري لديه مهمة سينفذها، وهي إعادة إيران إلى رشدها.

دول الخليج على مدى 40 عاما تعاملت مع جارتها اللدود باحترام، إلا انها أرهقتها بالتعديات والتجاوزات التي أدت إلى أضرار ولا تزال، ولم تكتف إيران بأنها جار مزعج، بل كانت تمارس كل أساليب الاحتيال والخيانة مع جيرانها، مستفيدة من أذرعها في دول أخرى مجاورة، سواء عصابات أم جماعات، ولعل آخر هذه الاستفزازات التي تعرضت لها دول الخليج، حادثة الاعتداء على 4 سفن تجارية قرب ميناء الفجيرة داخل المياه الإماراتية، وأيضا الهجوم الأخير على محطتي ضخ البترول تابعتين لشركة أرامكو بواسطة طائرة مسيرة من دون طيار، وعلى رغم سيطرة الجهات المختصة على الحادث، إلا أنه يشكل خطورة كبيرة ليس على السعودية فحسب، بل على العالم، لكون النفط سلعة عالمية وتحتاجه كل الدول، وأي تلاعب أو عبث يعتبر لعبا بأمن مستقبل العالم.
هذه التحركات العسكرية والتصريحات الصادرة من صناع القرار في أكثر من عاصمة عربية، ودعوة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى قمتين خليجية وعربية في مكة المكرمة أواخر هذا الشهر الفضيل على هامش القمة الإسلامية العادية، وقبل يومين، شهدت المنطقة تحركات واسعة وتصريحات متبادلة من قادة عسكريين وسياسيين، جيم مالوي قائد الأسطول الأميركي الخامس اجتمع مع قادة رفيعي المستوى من دول مجلس التعاون، والرئيس الأميركي في تحذير شديد اللهجة قال إنه يتوعد إيران في تدميرها إذا هددت واشنطن ومصالحها، وقال في تغريدة له: «إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى أبدا».

هناك من يقول انه لا فائدة من الحروب لأنها تدمر الشعوب وتجر المنطقة إلى ويلات وستكون لها نتائج عكسية، وربما نختلف مع من يدعو إلى المفاوضات الديبلوماسية مع إيران أو التباحث معها، ولدول الخليج تجارب عدة وفرص كثيرة، وخلال 40 عاما سنحت مجالات متعددة لإيران بأن تحسن علاقتها مع جيرانها ولا تتدخل في شؤونهم، ومع ذلك باءت كل المحاولات بالفشل، الفايننشال تايمز دعت قبل أيام في افتتاحيتها جميع الدول إلى التوقف عن التلويح بالحرب في الخليج، وقالت: «إن المطلوب هو تحقيق هادئ وشفاف في الحادثة»، ويبدو أن الصحيفة لا تعرف كيف عانت ولا تزال دول الخليج والمنطقة العربية من ويلات إيران ودسائسها، ولو أن مثل هذه السلوكيات حدثت من جيرانها على مدى 40 عاما لرأينا كيف تهب هذه الدول لمعاقبتها ولجمها، ولأن هذه الدول بعيدة عن منطقة الشرق الأوسط لا تدرك خطورة الموقف، ولعل مارتن تشولوفمن خلال مقالته في الغارديان له وجهة نظر أخرى، فهو يرى أن الصقور في الإدارة الأميركية يدفعون نحو المواجهة العسكرية مع إيران، وأن 4 أعوام من الحرب والعقوبات الاقتصادية الموجعة ثم تهديد نقل النفط وانتشار القوات البحرية الأميركية في الخليج كلها مشاكل تواجه إيران، ويقول مارتن إن هذا التطور من شأنه أن يزيد التوتر بين واشنطن وطهران.
لا أتفق مع الطرح الغربي من خلال بعض محلليه وكتابه السياسيين والاقتصاديين، لأننا في منطقة الخليج والعالم العربي أكثر معرفة بأوضاعنا وما نواجهه من التدخلات الغريبة من إيران في شؤوننا الداخلية وأيضا عملياتها التخريبية، وإذا افترضنا أن العقود الماضية كانت مفاوضات ديبلوماسية من قبل دول الخليج ومد يد المصافحة من أجل العيش بسلام معها، فالوقت الآن قد حان لوقف كل المفاوضات وكل المحاولات الديبلوماسية ومن يزعم أنه سينجح فهو لا يعرف إيران، المجتمع الخليجي وخاصة شعوبها ضاقت ذرعا من التصريحات الوهمية لإيران، وهي تريد أن ترى هذه الحكومة كيف يتهاوى كبريائها ويسقط القناع الوهمي من وجهها، نريد ضربة موجعة، الوقت الآن جدا مناسب لتأديب إيران ووقفها عند حدودها وأيضا الوقت المناسب لقلب نظام الحكم فيها وتسليمه لقيادة حكيمة تتفاعل مع التطورات التي تشهدها دول المنطقة من تنمية وازدهار، وتستفيد من فرص الاستثمار والمشروعات، ويصبح هناك حراك اقتصادي تنموي.
نظام الملالي الذي انطلق منذ عام 1979 من خلال الثورة الخمينية، صدرت ثورتها في كل مكان، ولديها سجل أسود في المحافل الدولية، في عام 1987 أرسلت متفجرات للسعودية مع حجاجها، والاعتداء على سفارتها في طهران، واعتداء على السفارة السعودية في تايلند عام 1990، ومحاولتها اغتيال السفير السعودي في واشنطن في 2011، فضلا عن دعمها لخلايا تجسسية وإرهابية في كثير من دول، وكذلك دعم الانقلابيين الحوثيين في اليمن، ووفق احصاءات استهدف الحوثيون السعودية، إذ أرسلوا حتى الآن 145 طائرة درون، كما أرسلوا 225 صاروخا باليستيا ضد أهداف متفرقة.
القوات الخليجية والأميركية قادرة على ردع التصلّب الإيراني، والآن الوقت جدا مناسب لتوجيه ضربة موجعة، فمن غير المعقول، أن يكون لديك مشروع تنموي واقتصادي وخطط وبرامج مستقبلة لأجيال اليوم، وتبقى قلقا مستيقظا متنبها طوال الوقت حتى لا يأتي من يتربص بك ويريد أن يخرب مشاريعك.
دول الخليج وبعض الدول العربية لديها أجندة تنموية، ويمكن أن تنضم إيران معهم وتتخلى عن فكرتها الشيطانية، إلا أن هذا لن يتحقق مع الحكومة الإيرانية الحالية، فهذا يتطلب جيلا جديدا من القياديين في إيران، ينتشل البلد من الانفاق الاقتصادي الدموي الذي أدخلتهم الحكومة الحالية فيه. في تصريح للرئيس الإيراني حسن روحاني تحدث قائلا: «إن بلاده تواجه أصعب أزمة اقتصادية خلال العقود الأربعة الماضية»، والعقوبات الأميركية تستهدف مواصلة الضغط على إيران بالوصول إلى مستوى الصفر في الصادرات النفطية، وبلغ التهديد أن أي دولة ستواصل شراء النفط الإيراني ستواجه عقوبات أميركية مشددة، ومن انعكاسات هذا القرار من أجل تجفيف أرباح الاقتصاد الايراني من العملات الصعبة وتهبط احتياطاته من العملات الأجنبية على نحو واسع، وربما نحتفل جميعا بإسقاط حكومة الملالي والثوار الإيرانيين بحكومة جديدة تنتشل الشعب الإيراني من الفقر المدقع ومستواه المعيشي المتدني، وينعم بالخير مثل شعوب المنطقة.

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,410,994

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"