في الذكرى الاربعين للمعاهدة، كامب ديفيد التي تحكم مصر

محمد سيف الدولة

يخطئ كل من يتصور أن معاهدة السلام المصرية (الاسرائيلية) التي تحل هذا الشهر ذكراها الاربعون والمشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، هي مجرد اتفاقية ثنائية استطاعت مصر من خلالها استرداد ارضها المحتلة، مقابل اقامة علاقة طبيعية مع (اسرائيل) وبعض الترتيبات والتنازلات الامنية والعسكرية في سيناء.

 

فكامب ديفيد هي أشمل من ذلك بكثير؛ هي نظام حكم كامل متكامل، وضعه الأميركان و(اسرائيل) وحلفاؤهم لتفكيك مصر التي حاربت وانتصرت في حرب 1973، وبناء مصر اخرى تابعة للأميركان لا ترغب في قتال (اسرائيل) او في تحديها، وإن رغبت لا تستطيع. ان كامب ديفيد هي عصر كامل قائم بذاته ونظام حكم يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا منذ سبعينات القرن العشرين حتى يومنا هذا.

انه ذلك النظام الذي كتبت عنه كثيرا تحت عنوان (الكتالوغ الأميركى لحكم مصر)، والذي يمكن تلخيصه فيما يلى:

  1. تجريد ثلثي سيناء من القوات والسلاح الا بإذن (اسرائيل)، حتى تظل رهينة التهديدات (الاسرائيلية) المستمرة، بما يمثل اقوى اداة ضغط واخضاع فعالة لأي ادارة مصرية، خاصة في ظل عقدة 1967 التي لا تزال تسيطر على العقل الجمعى لمؤسسات الدولة المصرية.

  2. مع اعطاء الأميركان موطئ قدم في سيناء، وقبول دخول قواتهم الى هناك لمراقبة القوات المصرية، ضمن ما يسمى بالقوات "متعددة الجنسية والمراقبين" التي يرأسها سفير في وزارة الخارجية الأميركية ولا تخضع للامم المتحدة.

  3. مع اعطائهم تسهيلات لوجستية في قناة السويس والمجال الجوي المصري، قال عنها الأميركان، انها كان لها دورا كبيرا في نجاح قواتهم في غزو العراق.

  4. مع الانخراط في كل احلافها العسكرية، والالتزام بما تقيمه من ترتيبات امنية في الاقليم، وتنفيذ الادوار والمهام التي تطلبها منا في حروبها واعتداءاتها العسكرية في المنطقة بدءا بما يسمى بحرب تحرير الكويت مرورا بغزو افغانستان والعراق.. وحتى يومنا هذا.

  5. تصفية الاقتصاد الوطني الذي كان يدعم المجهود الحربي اثناء الحرب، واستبداله بمعونة عسكرية أميركية مقدارها 1.3 مليار $ تحتكر غالبية التسليح المصري وتتحكم في موازين القوى لصالح (اسرائيل) مع تسليم الاقتصاد المصري الجديد لصندوق النقد والبنك الدوليين لادارته وتوجيهه والسيطرة عليه.

  6. تأسيس نظام حكم سياسي تكون على رأس اولوياته حماية امن (اسرائيل) والحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأميركية، التي يجب ان توافق على شخصية رئيس الجمهورية وتبارك مؤسساته، مع حظر المشاركة في الحكم لأي تيار او حزب او شخصيات ترفض الاعتراف بـ(اسرائيل) وتناهض اتفاقيات كامب ديفيد. مع تقييد أو اجهاض أي ممارسات او توجهات او تغييرات ديمقراطية يمكن أن تأتي بقوى وتيارات معادية للأميركان ولـ(اسرائيل)، لحكم مصر.

  7. استئثار وسيطرة رأس المال الاجنبي والمحلي على مقدرات البلاد وثرواتها. وتصنيع طبقة من رجال الاعمال المصريين تكون لها السيادة على باقى طبقات الشعب، وتقوم بدور التابع والوكيل المدافع عن مصالح وسياسات الأميركان والصهاينة في مصر.

  8. تصفية أي تيارات وطنية، أياً، كانت مرجعيتها الايديولوجية، سواء كانت قومية او اشتراكية او اسلامية او ليبرالية او مستقلة، تناهض الولايات المتحدة و(اسرائيل)، مع كسر شوكة الشعب المصري والقضاء على روح الانتماء الوطني.

  9. وتفاصيل أخرى كثيرة.

فإلى متى ستستمر مصر خاضعة لهذا الكتالوغ؟

ومتى ستتحرر من سجن كامب ديفيد ونظامها؟

وكيف؟

أسئلة آن أوان التصدي لها والاجابة عليها.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,412,204

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"