القُدس والجولان وقلم ترمب..

مكي معتز الجميل

مقولة ترددت على مسامعنا كثيرا مَفادها (يَهِب الأميرُ ما لا يَملِك)، وحين كنتْ صغيراً لم اكن لأُدرِك معناها، وها هو السيد دونالد ترمب يُهدي الْقُدُس كعاصمة للكيان الصهيوني (إسرائيل) وكذلك الجولان السورية في صفقة يُمْكِن وصفها بأنها صفقة القرن الحادي والعشرين.

ولَم يَقتصِر سَخاء السيد ترمب عند هذا الحد، بَل أهدى معها رئيس وزراء العدو القَلَم الذي وقّع فيه قرار سَرَقَة الأراضي، كرمزية لإنجاز لم يحققه أحد قبله!

وبهذا فإن البيت الأبيض الأميركي أعترف بهضبة الجولان كجزء من (إسرائيل)، وبهذا الإعتراف فأن أميركا، وكعادتها، تجاوزت كل قرارات الأُمم المُتحدة التي كانت رافضة لهذا القرار بِضَم الجولان، وما أن تم الإعتراف والتوقيع مُباشرةً بدأ الجيش الصهيوني بِمُحاصرة غَزّة وضربها بالصواريخ.

يَبدُو لي أنَ السيد ترمب يملك الدُّنْيَا وما عليها بتوزيعه للأراضي وتغيير ديموغرافية المنطقة والخارطة خِدمةً لِمصالح (إسرائيل) وتدعيم ركائِزها أكثر وأكثر في ظِل خِنوع وصَمتْ عربي رَهيب.

نسمع من هُنَا دولة عربية تُصْدِر بياناً مَفاده (نأسف لِما يحصل) وزعيم عربي آخر (نُدين ما يحصل).. ردود أفعال، في حقيقة الأمر، أقل ما يُمْكِن وصفها، فهي خجولة ولا تُذكر، في ظِل هذه المواقف العربية يأتي الموقف الأوروبي الرافض لهذه الخطوة رفضاً قاطعاً، مضيفاً بأن موقف أوروبا من هذه القضية لا يتغير، حيث أصدرت الدول الأوروبية الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا، بياناً مُشتركاً يرفض إعتراف الولايات المتحدة بسيادة (إسرائيل) على الجولان السوري.

هذه هي أميركا تتعامل بِغَطرسة وعنجَهيّة وكأِنها سَيّدة العالم، وبهذا الفعل قامت بإلغاء كامل لدور الأُمم المُتحدة، وفي إحدى تصريحات ترمب للصحفيين قال من حق (إسرائيل) الدفاع عن نفسها ضِد الوجود الإيراني في سوريا التي تتخذ من مُرتفعات الجولان مُنطلقا لاعتداءاتها ضِد (إسرائيل) وهذا له دَلالة واضحة بأن إيران لها دور بهذا القرار ومُباركته قبل التوقيع عليه.

مِن المُفارقات المُضحكة بأني لم أسمع يوماً أن إيران أو نظام حافظ الأسد ومن ثم ولده بشار أن أطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل!

فكيف يا سيد ترمب يحق لـ(إسرائيل) الدفاع عن نفسها ومِنْ مَنْ؟!

رَحِم الله الرئيس الراحل صدام حسين وطيّب ثراه حين قام بِضرب (إسرائيل) وكِيانها المَسِخ بثلاث وأربعين صاروخاً وتمنى أن يأتي زعيماً عربي آخر لِيُكمِل الرابع والأربعين.


comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,411,786

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"