"جيبولنا" سنّي يحكمنا ويخلّصنا

ربيع الحافظ

حينما تنادي امرأة شيعية في البصرة "جيبولنا (هاتوا لنا) سني يحكمنا ويخلصنا" هل تقصد حاكماً يضع يمناه على شماله حين يصلي؟!
وقال غيرها مثلها.

مدلول ندائها هو الشخصية القادرة على أن تكون مظلة للجميع، وهو الذي تتفقده وتجوع وتعطش وتمرض بسببه.
ويقف وراء هذا المدلول مدلول آخر هو شعور الاطمئنان وعلاقته بالسلوك.
كل وَفرة تجلب الاطمئنان وتولد الثقة. التاجر الوفير المال يطمئن على تجارته ويتيح للتجار الآخرين هامشاً في مصالحه، والأديب الوفير الانتاج لا يضيره دنوّ المثقفين من مملكته ويتسامح مع انتحال أبيات من قصائده.
أما اطمئنان الحاكم السني (المطلوب) ففي وفرة ثقته، فلكي يكون متسامحاً يقتضي أن يكون واثقاً ولكي يكون واثقاً يقتضي أن يكون الأكثر أتباعاً ولكي يكون الأكثر أتباعاً يقتضي أن يكون الأكثر صواباً، والصواب عند جمهور الأمة هو السنة، لذا لا يخشى أن يُشرك غيره في إدارة دولته.
لا يضير هذه المرأة (بعد 15 عاماً من الشقاء) أن تكون (السنيّة) هي جهاز التدبير في شخصية الحاكم، ما دام أن الخلاص يجري على يديه، في مقابل الشخصية الأخرى القلقة على ضياع مكاسب لحظوية تحرق البلاد للحفاظ عليها، وهي الشخصية السياسية الشيعية كما تراها.
عند هذه النقطة بدأت الشخصية الشيعية تتيقن أن الشخصية السياسية الشيعية ليست أهلاً لإدراة المجتمع، وبذلك تم ترحيل هذه الحقيقة العلمية من قواميس الطائفية إلى قواميس العلوم الاجتماعية.
ليس هناك فرق بين الإنسان السني والشيعي عند الولادة، لكن المجتمع الذي تشكّل المرجعية الشيعية سقفاً اجتماعياً منخفضاً له يمنع الإنسان من النمو بكامل قامته، في حين تتفجر شخصيته حين ينشأ تحت السقف المرتفع للدولة، والأمثلة متعددة ويعرفها العراقيون.
غني عن القول إن (السنية) المقصودة هي التي أسست العراق وجعلته في طليعة الدول وليس المتورطين مع الاحتلال.
في هذا المعنى يقول المفكر السوري المولد العراقي الأصل محمد كرد علي "أهل السنة أحرص الناس على رضا الأقليات التي تعيش في كنفهم، لأنهم هم الدولة والدولة هم. وهم رب البيت الحريص على تماسك بيته".
من المؤسف أن يتنبّه الإنسان الشيعي إلى هذه الحقيقة تحت طائل الجوع والعطش ولا يتنبّه إليها السني تحت طائل المعرفة وكلاهما خاسر.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :133,411,142

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"