اعتقالات واسعة في الأحواز المحتلة

تستمر الحكومة الإيرانية بتنفيذ مشاريع كبيرة لتغيير مجاري الأنهار في إقليم الأحواز العربي المحتل وتجفيفها تدريجياً منذ أكثر من عقدين، بحيث تسببت بتلوث بيئي هائل وادرجت منظمة الصحة العالمية مدينة الأحواز العاصمة على رأس قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم أجمع لثلاث سنوات متتالية منذ عام 2011. 

وخرجت مظاهرات عديدة في الأحواز خلال الفترة الأخيرة تنديداً لهذه السياسات بعد زيادة غير مسبوقة في الأمراض المختلفة كالسرطان، وكانت آخرها يوم الخميس الماضي، وقامت السلطات الأمنية الإيرانية بإعتقال عدد كبير من المظاهرين والنشطاء البيئة والمجتمع المدني.

ووفقاً لوكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران للأنباء (هرانا)، نظّم نشطاء المجتمع المدني والمدافعون عن البيئة في الأحواز مظاهرة الخميس الماضي، 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، احتجاجاً على تغيير مجرى نهر كارون الذي يعتبر أكبر نهر في إيران، وتدمير البيئة في الأحواز. ورفع المتظاهرون في هذه الاحتجاجات لافتات تطالب بإيقاف نقل مياه كارون ورفعوا شعارات تندد بالسياسة العنصرية الإيرانية لتدمير البيئة الأحوازية.

المتظاهرون الذين كانوا قد اتخذوا من الجانب الشرقي لنهر كارون في مدينة الأحواز مكاناً لاحتجاجهم، بعد حصولهم على التصريح من الجهات المعنية، فوجئوا بهجوم القوات الأمنية عليهم، الأمر الذي أدى إلى إعتقال عدد من المشاركين في هذه المظاهرة السلمية. وقامت القوات الأمنية بقطع كل الطرق المؤدية إلى مكان المظاهرة، في خطوة احترازية أخرى قامت بها القوات الإيرانية للحيلولة دون وصول عدد آخر إلى محل التجمع. تفيد الأنباء الواردة من الأحواز أن هذه المظاهرة جاءت تنديداً بتنفيذ مشروع نقل مياه كارون إلى المدن والمحافظات الفارسية، واستهانة النظام الإيراني بمطالبات الشعب العربي الأحوازي واحتجاجاته التي كانت مستمرة منذ العام الماضي حتى اليوم.

ويؤكد نشطاء المجتمع المدني والمدافعون عن البيئة على الآثار السلبية الهائلة التي حلت بالبيئة الأحوازية بعد حرف مجرى الأنهر ونقل مياهها إلى المحافظات الفارسية من قبل النظام الإيراني. ويشير هؤلاء النشطاء إلى تجفيف الأهوار في إقليم الأحواز كهور العظيم وهور الفلاحية، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع الأحوازي كنماذج ملموسة لهذه السياسة غير الإنسانية.

وحسب إحصائيات وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيرانية، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان في إقليم الأحواز بنسبة أكثر من 500 % أي أكثر من 5 أضعاف منذ العقد الأخير. وبعد نشر هذه الإحصائية، أصدرت الحكومة الإيرانية مذكرة تمنع الدوائر الحكومية ووسائل الإعلام من نشر أية إحصائيات عن ضحايا السرطان والأزمة البيئية في الأحواز. وحذفت وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي التقارير التي نشرتها عن هذا الشأن، من موقعها على الشبكة العنكبوتية.

وفي السياق ذاته، كتب شريف حسيني، أحد مندوبي مدينة الأحواز العاصمة في مجلس النواب الإيراني، رسالة إلى حسن روحاني، الرئيس الإيراني، واتهمه بـ «تجاهل الكوارث البيئية الكبيرة التي تحدث في إقليم الأحواز نتيجة السياسات الحكومية».

ورداً على هذه الرسالة وفي خطوة غير عادية، نفى نائب الرئيس الإيراني الأضرار الإنسانية الكبيرة الناجمة عن الأزمة البيئية في الأحواز، واتهم شريف حسيني بنشر الأكاذيب.

وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، كتبت صحيفة قانون الإيرانية نقلاً عن صيد عيسى دارايي، مندوب مدينة الصالحية (انديمشك) في مجلس النواب الإيراني، «يوجد في ذرات التراب (الغبار) التي تنتشر في جو الأحواز قدر كبير من جزيئات اليورانيوم، وهذا الأمر يعتبر من أهم الأسباب التي جعلت المواطنين الأحوازيين أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الخطيرة».

وفي 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، تناقلت وكالات الأنباء الإيرانية خبر احتفال أهالي مدينة اصفهان الإيرانية بتدفق مياه كارون في نهر زايندة رود، في خطوة سبق وأكد على اجراءها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بتعيين لجنة لمتابعة المشروع وتخصيص الميزانية اللازمة، على الرغم من الاعتراضات الواسعة التي عمت مدينة الأحواز لفترة أكثر من شهرين متتاليين.

وبدأت الاحتجاجات الجماهيرية على ضفتي كارون منذ العام الماضي، اعتراضاً على مشاريع نقل الأنهر الأحوازية إلى المدن الإيرانية وتدمير البيئة الأحوازية. وتم اكتمال مشروع نقل مياه نهر كارون إلى اصفهان في الوقت الذي تشهد الأحواز شحة في مياه الشرب ناهيك عن المياه اللازمة لقطاع الزراعة.

وكما تعم الإقليم أزمة بيئية واسعة بسبب نقل مياه الأنهر الأحوازية إلى المدن المركزية في إيران كأصفهان، ويزد، وقم. وكان من أبرز نتائج هذه الأزمة أن يتصدر الأحواز قائمة أكثر المدن تلوثاً في العالم أجمع لثلاث سنوات متتالية منذ عام 2011. كما وتسببت هذه الأزمة البيئة في انتشار أنواع جديدة من مرض السرطان والأوبئة الغريبة التي لم يشهد لها مثيل في سائر المناطق. على سبيل المثال ليس الحصر، في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، تسبب هطول الأمطار الملوثة والحمضية في حالات تسمم وضيق في التنفس عند أكثر من 50 ألف شخص ومراجعتهم إلى مستشفيات الإقليم، حسب الإحصائيات الرسمية.

وحسب الدراسة التي قامت بها جامعة الأحواز الطبية الحكومية، لقد أثّر التلوث البيئي في الأحواز إلى تزايد الوفيات بنسبة 30 % خلال السنوات الـ10 الماضية، وجاءت أكثر من 20 % من الوفيات نتيجة لاستنشاق الجسيمات الملوثة للهواء.

وكان من ضمن الآثار الناجمة عن التلوث، ازدياد عدد المصابين بأمراض القلب والكلى وارتفاع نسبة المواليد المشوهة، بالإضافة إلى ارتفاع حاد في معدلات الإجهاض بين الأمهات، خاصة في الولادة الأولى، وانخفاض معدل الخصوبة في الرجال والنساء.

هذا وقد أدى نقل مياه كارون وسائر الأنهر الأحوازية إلى تدمير البيئة وارتفاع نسبة التصحّر، كما أنه كان العامل الرئيسي وراء هجرة المزارعين الأحوازيين إلى المدن وترك قراهم بسبب شحة المياه اللازمة للزراعة. ومن أبرز الكوارث البيئية التي حلت في الأحواز هي تجفيف الأهوار الأحوازية خاصة هور العظيم، وهور الفلاحية، اللذين يعتبران من أهم العوامل الطبيعية في تنقية الهواء في الأحواز وجنوب العراق، وكما يعتبران المصدر الرئيسي للرزق لكثير من الأحوازيين. ولقد تحولت الأهوار الأحوازية ببطء إلى أرض تعاني من الجفاف، نتيجة لسياسة حرف مياه الأنهر وانشاء المنشآت الصناعية داخل الأهوار.

وكتبت «هرانا» أن الكثير من النشطاء المجتمع المدني يعتقدون أن السياسات التي ينتهجها النظام الإيراني لتدمير البيئة وتلويثها هي جزء من سياسة الإبادة الجماعية التي ينتهجها هذا النظام وتغيير التركيب السكاني والديموغرافي في الأحواز، والتي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة خاصة بعد تولي حسن روحاني منصب رئاسة الجمهورية.

كما يعتقد خبراء البيئة أن الخسائر الكبيرة التي يتحملها قطاع الزراعة في الأحواز تعتبر من ضمن الآثار السلبية لهذه الخطة التي تستهدف إجبار المزارعين العرب على ترك قراهم وأراضيهم، لتسهيل الأمر لاستيلاء النظام على الأراضي العربية.

وتصاعدت وتيرة السياسات الاستيطانية وتغيير التركيب السكاني والديموغرافي وهدم بيوت المواطنين العرب بحجج شبه قانونية كعدم أخذ الترخيص أو ما شابه ذلك.

وفي 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، نشرتوكالات أنباء إيرانية من بينها وكالة «إيسنا» صوراً لتهديم البيوت الآحياط الفقيرة تحت ذريعة البناء غير المرخص. ونقلت وكالة «إيسنا» عن مساعد الإعمار في الأهواز أحمد سياحي، قوله إن «بناء المنازل من دون ترخيص يعتبر جريمة يحاسب عليها القانون». وأضاف، «يوجد الكثير من الأحياء العشوائية في مدينة الأحواز، ويعيش 450 ألفاً من المواطنين في ضواحي المدينة في البيوت العشوائية والمنازل غير المرخصة بشكل غير قانوني».

ووفقاً للتقارير الواردة، فقد قام عدد من موظفي بلدية الأحواز العاصمة مدعومين بقوات الأمن والشرطة بهدم تلك المنازل بالجرافات وبصورة عنيفة ومرعبة، مما أدى إلى مواجهات بين الأهالي وقوات الشرطة في حي أم الغزلان، شمال شرق مدينة الأحواز.

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,957,356

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"